سابحة لربها Admin
عدد المساهمات : 1084 تاريخ التسجيل : 14/06/2012 العمر : 64
| موضوع: الأسرة المسلمة سكن وإطمئنان الثلاثاء فبراير 19, 2013 5:49 pm | |
| الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الحمد لله الذي يسّر لنا هذا اللقاء، وأسأله سبحانه وتعالى أن يجعله لقاءً مباركًا مرحومًا، اللهمّ آمين. أسأل الله الذي يسّر لنا الاجتماع في هذا المكان أن يطهِّر قلوبنا، وأن يجعلنا ممن ينظر إليهم بعين الرحمة، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا الاجتماع سببًا للاجتماع في جنات النعيم، اللهم آمين. لقاؤنا اليوم بعنوان (الأسرة المسلمة سكن واطمئنان) لابد أن نتخلى عن الجانب النظري في الموضوع، فلن أتكلم عن الأسرة المسلمة سكن واطمئنان بصورة نظرية. (أرغب بأن تكون الأسرة المسلمة سكن واطمئنان): هذه الجملة تقرير؛ بمعنى أن الأسرة المسلمة يجب أن تكون في سكن واطمئنان؛ فالاستدلالات النظرية لا نهاية لها.. آمنا بالله، الأسرة المسلمة سكن واطمئنان؛ لأن كل النصوص تدل على أن بيوت أهل الإسلام ألقى الله-عز وجل-فيها من المودة والرحمة... بعد ما علمنا أن المفروض أن تكون سكن واطمئنان وما أجده في الغالب في نفسي عن بيتي مثلاً أو ما أسمعه من بيوت الناس أو ما أراه في التعليم من الأسر، لا أرى هذه الجملة إلا نظريًّا والواقع أن الأسرة هي موطن الاضطرابات! إما أنها سبب لاضطراب الأبناء أو أنها بنفسها مكان يقع فيه الاضطراب. السؤال: هذه الجملة التقريرية كيف آتي بها عمليًّا؟ هذه الجملة خبرية، والمطلوب أن تصبح فعلية.. أما التنظير فيكتب فيه كثير، فلو فتحت أي كتاب نظري يتكلم عن الأسر عمومًا وعن الأسر خصوصًا تجدي فيه الكثير من التنظير، لكن ماذا أفعل من أجل أن تكون الأسرة المسلمة سكن واطمئنان؟ هذا هو المحور المهم أكثر من كوني أسمع عن الموضوع بشكل عام. أول اتفاق نتفقه لتحويل هذا المفهوم النظري إلى مفهوم عملي: أن رؤوس هذه الأسرة هم المسؤولون عن تحويل هذه الجملة من الفعلية إلى الخبرية: الرؤوس هما (الأب – والأم). نفترض أن الأب قرر أن لا يكون سببًا للاستقرار، أي كلام أقوله لأحول الجملة الخبرية إلى فعلية وأنت في اللقاء هذا ولا يعجبك تطرحيه على الأب! كل ما يقال لك وتشعري أنه لا يناسبك تقولي: أبوهم! أريدك أن تفكري معي وتسمعي كلامي -أسأل الله أن يدخل إلى قلوبكم قبل أن يصل إلى آذانكم- أنني في وضع الأب قرر أن لا يجدف! أنا وهو في مركب واحد، ومعنا أبناءنا الصغار الذين لا يقوون على التجديف، والمركب معتمد على أن يجدف طرف من اليمين وطرف من الشمال، وتصوري أن الأب قرر أن لا يجدف! ماذا ستفعلون؟! سنجدف بكم يد؟ سنجدف بكلتا اليدين، هذا الاتفاق لا تنسوه؛ لأنه عماد كل النقاش القادم، لو قرر أن لا يجدف سأجدف بيدي الاثنين طلبًا لإنقاذ هذه الأسرة، لتسكينها، لتأمينها. هل يوجد أي أم تخالف هذا الاتفاق؟ لا، سنفعل ما نستطيع المهم أن ننجي أولادنا، ولا يوجد من يفكر أن لا يجدف ويغرقوا هما الاثنان؛ -سبحان الله- لما وضعه الله في قلب الأم من قوة عاطفة تجاه أبنائها، لدرجة أنها يمكن أن تكون ترابًا للرجل على أن تحفظ أبناءها، وهذا الأمر متفق عليه؛ كل نفوس الأمهات في الغالب متفقين على هذا لكن بأشكال مختلفة. اتفقنا أن هذه جملة خبرية، وفيها من الأدلة الكثير، لكن لن نقضي هذه الساعات في مجرد التأكيد على شيء موجود في أذهانكم، الذي نريده الآن أن تتحول هذه الجملة الخبرية إلى جملة فعلية: كيف أحول هذه الأسرة على وجه الحقيقة إلى أسرة فيها سكن واطمئنان بالنسبة لي وبالنسبة إلى أهلها (أبنائي) ؟ واتفقنا أن وصولنا إلى مثل هذا الأمر يعتمد على رؤساء هذه الأسرة، والذي يرأسها هم الآباء والأمهات، واتفقنا على قاعدة مهمة: لو كنت أمًّا، والأب قرر -بتصرفاته- أن لا يجدف، تخيلي أسوأ الأحوال، ليكون كل كلامي عملي، هذا الكلام ينفع أي أحد.. مثّلنا الصورة، كيف؟ تصوري حالك مثل واحد راكب في اليمّ، أنت مسؤولة على التجديف بيد، وهو مسؤول عن التجديف بيد أخرى، تصوري في هذا المركب الذي يحملك ويحمل أبناءك قرر الأب أن لا يجدف ماذا ستفعلين؟ الجواب: أنا الأمأجدف بيدي الاثنين، من أجل أن لا يغرق المركب، وهذا ما وضعه الله وركبه في قلوبنا من قوة الحنان والحب لأبنائنا، رغم كل الآلام التي ممكن أن تتعرض لها الأم لكن مع ذلك يكون في قلبها مشاعر أنها يمكن أن تجدف بيديها الاثنين حتى لو قرر الزوج أن لا يجدف. أنا أفترض أسوأ الحالات، لكن هناك حالات كثيرة وهمية تتصور الأم أن الأب لا يجدف، لكنه يجدف وهي غير شاعرة، خصوصًا أننا وصفنا بوصف يؤلمنا -لكنها الحقيقة!- أننا نكفر العشير! فكفراننا العشير معناه أنه كان يجدف طول العشر سنين الماضية لكن الآن تعب لسبب أو لآخر أو تخلف لسبب أو لآخر فألتفت على العشر سنين الماضية وأقول ما أحسنت الدهر قط! لن أدافع عن الرجل، نبقى في صف أنفسنا، لكن المهم لسنا نحن، المهم الأبناء. تصوري صورة مختصرة قبل أن ندخل إلى تفاصيل الكلام حول تحويل هذه الجملة الخبرية إلى جملة فعلية.. تصوري علاقتنا مع الزوج (الركن الثاني في الحياة بالنسبة للأسرة) كيف تبدأ في أولها ثم كيف تنتهي أو كيف تصرف بعد التقدم.. اشبكي يديك إلى الداخل تمامًا، هذه الصورة هي بداية العلاقة بين الرجل والمرأة، التشبيك التام، ثم مع الأيام تبعد هذا التشبيك إلى أن يبقى أطراف الأصابع! بحيث تكون هذه اليد التي من أطراف الأصابع بمثابة المظلة لمن تحتها من الأبناء، وهذه هي الطبيعة، أن تبدأ الحياة بقوة تشابك ثم تنفصل رويدًا رويدًا إلى أن تصبح بمثابة المظلة، فكونك تريدين أن تكون الحياة بعد عشرين سنة من الزواج بمثابة نفس الصورة في أول الزواج أو أول خمس سنوات! سنأتي بحالة من الإهمال الشعوري لمن تحتها؛ لأن التركيز سيكون على نفسي وعلى مشاعري وعلى طلباتي، خصوصًا أنك تعلمين أن المرأة لما تبلغ الأربعين -كالرجل وليست المرأة فقط- المفروض أن تكون وصلت إلى النضج العاطفي الذي فيه تتحول التصورات إلى تصورات عميقة وليست سطحية، وهذا الكلام يشهد له كلام الله وليس كلامنا، ماذا قال الله عن سن الأربعين الذي يُستحى منه! مع أنه المفروض يكون إشارة الفخر؟ الذي وصل للأربعين وهو على دينه-الذي هو رأس ماله لم تأخذه الفتن ولم تأخذه بعيدًا، يكون وصل إلى أمر يسأل الله فيه الثبات ويلتفت إلى الوراء ويقول سبحان الذي نجاني من المهالك فما فلت! ويوجد أناس في عمري فعلوا وفعلوا من الفواحش ومن ... فسبحان من نجاني! آيات من كتاب الله تتلى يجب أن تقع في قلبك موقعها لتعرف ما دورك على الحقيقة، ماذا يقول الله في سن الأربعين؟ {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ }[1] {رَبِّ أَوْزِعْنِي}: (أوزعني): من أعظم معاني جمع القلب، أوزعني: يعني اجمع قلبي على أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي، تصورلما تبغ الأربعين تقرأ صفحاتك الماضية، تقرأ نعم الله وتربية الله، كيف أن الله رباه وحماه وأوصله؟!.. {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ}: بقوة تفكيرك بنعم الله. {وَعَلَى وَالِدَيَّ}: كيف أن الله-عز وجل-يسر لي بهما هذه الحال التي أنا فيه. {وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ}: يصبح دورك كله وتفكيرك. تأتي الآن النقطة المهمة التي هي شاهد لنا: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ}: يعني كونك تأتي إلى هذا السن وترى نفسك تحتاج أن تتوب هذا هو الخير والبركة، أما تتبع هواك فتبقى تحت طيشك، هذا هو الهلاك! لن تهلك نفسك فقط بل حتى من تحتك. انظري للسياق: {قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ} ثم أنا عندي هم عظيم، هم أولادي {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} هذه الجملة منطلق كلامنا.. أحد يقول {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} بعد سن الأربعين كأنه اكتشف الحقيقة، ما هي الحقيقة؟ أنه لا مصلح على الحقيقة إلا الله! لأني أقول يا رب أصلح لي في ذريتي، معناه أنا عاجزة عن إصلاحهم، وهذه الجملة لا تحتاج إلى شاهد، الواقع الذي نعيشه يشهد على أني كشخص عاجز عن إصلاح نفسي فكيف أستطيع أن أصلح ذريتي؟! إذن من هنا يبدأ المنطلق لتحويل هذه الجملة من خبرية نظرية؛ إلى جملة إنشائية فعلية؛ ما نسميه: التربية بالاستعانة حول هذه الجملة سندور، كيف أصل لأن تكون الأسرة سكن واطمئنان؟ الجواب: أن نستعمل أسلوب التربية بالاستعانة. هذا المفهوم يحتاج إلى تعميق معنى الاستعانة ثم معرفة كيف أستعمل هذه الاستعانة في تحقيق هذا المراد. التربية بالاستعانة: ينقسم الكلام إلى قسمين: 1. الكلام حول الاستعانة. 2. ثم الكلام حول التربية بالاستعانة؛ لأن مفهوم الاستعانة عندنا ضعف فيه، فالتربية بالاستعانة مفهوم صعب مادام الاستعانة نفسها مفهوم غير واضح.. نقطة البداية التي بدأنا بها كانت من الآية {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} فخرجنا بنتيجة أني لما أنضج أتصور الحقيقة أن هؤلاء لا يصلحون بي، هؤلاء لا يصلحهم إلا الله، لكن ليس كل من نضج فَهِمَ هذا، المفروض أن هذه المسألة تبدأ من أول التفكير، أن الذي يصلحهم هو الله، فماذا أفعل؟ هل أجلس في مكاني وأقول الذي يصلحهم على الحقيقة هو الله وكل واحد يكون في طريقه؟! أشير إليك إلى الطريق فاسلكه، فهمت أن الذي يصلحهم على الحقيقة هو الله فاسلك الطريق. كيف نسلك طريق أن يكون مصلحهم هو الله؟ بالتربية بالاستعانة.. مهم جدًّا أن تكون الأفكار مرتبة وتكون عميقة في أذهانكم، لا تملوا التكرار؛ لأن التكرار هو الذي يرتب الأفكار ويربطها في الأذهان، تصوروا أنكم تتحملون توصيل هذا المفهوم إلى أحد فلابد أن تركزوا لترتيب الأفكار.. aنضع خمس قواعد لمفهوم الاستعانة، ثم نلحقه بمفهوم التربية | |
|