الدرســـــ الثالث ــــــ،،
ما سنشرع في بيان معالمه البيانية هي قول الله جل وعلا: "وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ " [التكوير:8-9].
الموءودة: هي الفتاة التي دفنت حية ، وهذا الفعل كانت تفعله العرب في جاهليتها.
يقول التاريخ أن سبب وأد البنات أن رجل كان له أعداء فغزوه وأسروا أهله وبناته
وكان له ابنة من بين الأسرى فلما أصطلح الرجل مع أعداءه خيرت البنت وقد قيل أن الآسر قد تزوجها فخيرت بين زوجها (وهو الآسر) وبين والدها فاختارت زوجها
فغضب الأب غضباً شديداً وأقسم أن لا تولد له ابنه إلا ذبحها وهي حية وهذا في العموم هو أصل الوأد في العرب فتبعته العرب على ذلك وله سبب آخر وهو الفقر
ما سنكشف اللثام عنه هو لماذا وجه السؤال للموءودة، ونحن نعلم أنه لا ذنب لها؟ ولم لم يوجه السؤال لمن قام بالوأد؟
من أجمل الأجوبة في هذا أن يقال: إن أولئك الذين يقومون بالوأد لا يقيم الله جل وعلا لهم يوم القيامة وزناً، ولا يحفل الله جل وعلا بهم، وليس لهم عند الله أدنى كرامة في يوم العرض الأكبر
ومن دلائل هوانهم على الله وأنهم ليس لهم وزن في ذلك المقام العظيم: أن الأسئلة لا توجه لهم، ولا يحفل بهم، ولا يعتبر وجودهم، فهم أقل من أن يخاطبوا، وأدنى من أن يوجه السؤال لهم
ولهذا قال الله جل وعلا: "وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ "
فيكون جوابها: أن لا ذنب لي، فيكون في جوابها إهانة لذلك الذي قام بالوأد.
ظهر لنا أن المقصد من قول ربنا جل وعلا في هذه الآية أنه توبيخ وإقامة سخرية واستهزاء وبيان لمهانة أولئك القوم الذين لم يحفلوا بنعمة الله جل وعلا، أن أنعم عليهم بالبنات، فعمدوا إلى قتلهن أحياء خوفاً من العار، وبهذا بيان ظاهر إلى أن الإنسان لابد أن يكون عاقلاً.