خلق الحيـــاء
صورة
الحياء لغةً : مصدر حيي ، وهو : تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذمّ.
وفي الشّرع : خلق يبعث على اجتناب القبيح من الأفعال والأقوال ، ويمنع من التّقصير في حقّ ذي الحق .
عَنْ سَعِيدِ بن يَزِيدَ الأَزْدِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوْصِنِي ، قَالَ : أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا تَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ .
قال المناوي – رحمه الله - :
( أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح من قومك ) قال ابن جرير : هذا أبلغ موعظة وأبْين دلالة بأوجز إيجاز ، وأوضح بيان ، إذ لا أحد من الفسقة إلا وهو يستحي من عمل القبيح عن أعين أهل الصلاح ، وذوي الهيئات والفضل ؛ أن يراه وهو فاعله ، والله مطلع على جميع أفعال خلقه ، فالعبد إذا استحى من ربه استحياءه من رجل صالح من قومه : تجنَّب جميع المعاصي الظاهرة ، والباطنة ، فيا لها مِن وصية ، ما أبلغها ، وموعظة ما أجمعها " .
ولذلك قال بعض السلف : خف الله على قدر قدرته عليك، واستحي منه على قدر قربه منك !!
قال الراغب الأصفهاني ـ رحمه الله ـ :
( حق الإنسان إذا همَّ بقبيح أن يتصور أجل أن في نفسه حتى كأنه يراه ، فالإنسان يستحي ممن يكبر في نفسه ، ولذلك لا يستحي من الحيوان ، ولا من الأطفال ، ولا من الذين لا يميزون ، ويستحي من العالم أكثر مما يستحي من الجاهل ، ومن الجماعة أكثر ما يستحي من الواحد .
والذين يستحي منهم الإنسان ثلاثة : البشر ، وهم أكثر من يستحي منه ، ثم نفسه ، ثم الله تعالى ، ومن استحى من الناس ولم يستحي من نفسه : فنفْسه عنده أخس من غيره ، ومن استحى منها ولم يستح من الله : فلعدم معرفته بالله ، فالإنسان يستحيي ممن يعظمه ، ويعلم أنه يراه أو يسمع نجواه ، فيبكته ؛ ومن لا يعرف الله فكيف يعظمه، وكيف يعلم أنه مطلع عليه ؟"
اليوم سنتحدث عن خلق من الأخلاق الإيمانية العالية، ذلك الخلق الذي قال عنه العلماء إنه حياة القلب، وبدونه يكون القلب ميتا لا حياة فيه ولا خير يُرجى منه، إنه خلق الحياء.
ولقد علّمنا النبي(صلى الله عليه وسلم ) أدق وأنبل صور الحياء، في المواقف الكبيرة وفي صغائر الأمور، وأدركنا من خلاله أن خلق الحياء من أخلاق الله التي أمرنا أن نتخلق بها ونعمل على أن نتخذها منهجا وسلوكا، فإن تعجب حين نقول إن الله هو صاحب خلق الحياء فإننا نذكرك بالحديث المشهور الذي ورد فى سنن الترمذي عن سلمان الفارسي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله حَيِيٌّ كريم، يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صِفْرًا خائبتين".
والحياء المقصود من حديثنا اليوم هو الحياء من الله،
أستحيي من أن يراني حيث نهاني أو أن يفتقدني حيث أمرني، أستحيي منه في قولي لعلمي أنه السميع وأستحيي منه في فعلى لعلمي أنه البصير وأستحيي منه فيما خفي في صدري لعلمي أنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
، أستحيي منه في خواطري لعلمي أنه يعلم السر وأخفى. أستحيي منه في كل حركة وسكنة لأني أعلم أنه دائما معي وأنه سبحانه أحاط بكل شيء علما، فإن لم أكن أراه فإنه يراني.
قال تعالى
يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) غافر 19.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تقسير هذه الآية :
يخبر عز وجل عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء ؛ جليلها وحقيرها ، صغيرها وكبيرها ، دقيقها ولطيفها ، ليحذر الناس علمه فيهم :
فيستحيوا من الله تعالى حق الحياء, ويتقوه حق تقواه, ويراقبوه مراقبة من يعلم أنه يراه.
فإنه عز وجل يعلم العين الخائنة وإن أبدت أمانة ويعلم ما تنطوي عليه خبايا الصدور من الضمائر والسرائر .
علم العبد بسمعه تعالى وبصره وعلمه وأنه لا يخفى عليه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وأنه يعلم السر وأخفى ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، يثمر له حفظ لسانه وجوارحه وخطرات قلبه عن كل ما لا يرضى الله وأن يجعل تعلق هذه الأعضاء بما يحبه الله ويرضاه فيثمر له ذلك الحياء باطنًا، ويثمر له الحياء اجتناب المحرمات والقبائح ..
يقول صلى الله عليه و سلم : آخر ما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى ، إذا لم تستح ، فاصنع ما شئت
الراوي: عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبو مسعود المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 2خلاصة حكم المحدث: صحيح
وقال صلى الله عليه وسلم : إن لكل دين خلقا وإن خلق الإسلام الحياء
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه
- الصفحة أو الرقم: 3390خلاصة حكم المحدث: حسن
وقال عليه الصلاة والسلام : الحياء خير كله قال : أنه قال : الحياء كله خير
الراوي: عمران بن الحصين المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 37
خلاصة حكم المحدث: صحيح.
الحياء لا يأتي إلا بخير فقال بشير بن كعب : مكتوب في الحكمة : إن من الحياء وقارا ، إن من الحياء سكينة
الراوي: عمران بن الحصين المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو الرقم: 985
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وقال صلى الله عليه وسلم : الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة ، والبذاء من الجفاء ، والجفاء في النار
الراوي: أبو هريرة و أبو بكرة و عمران بن الحصين المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3199
خلاصة حكم المحدث: صحيح
بذؤ : - أتى بالفاحش القبيح من الكلام
قال تعالى : ( لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا )148النساء.
يقول صلى الله عليه و سلم : ( الحياء والعي شعبتان من الإيمان ، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق .)
الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2629
خلاصة حكم المحدث: صحيح .
العيّ : هو قليل الكلام خشية الوقوع في ما لايحل .
البذاء : أي كثير الفحش.
البيان : أي يجادل من غير الحق .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما كان الفحش في شيء قط إلا شانه ، و لا كان الحياء في شيء قط إلا زانه).
الراوي: أنس بن مالك المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5655
خلاصة حكم المحدث: صحيح
أن نبي الله – صلى الله عليه وسلم – ،( قال : إن الله حيي ستير ، يحب الحياء والتستر ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر)
الراوي: يعلى بن أمية المحدث:الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 425
خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن.
الله عز وجل حييّ يحب الحياء هذه صفة من صفات الله , من صفات الله الحياء.
يقول شيخ ابن الإسلام عن حياء الله عز و جل من عبده : هو حياء من نوع آخر لا تدركه الأفهام لا نستطيع أن نكيفهإنما هو حياء جود و كرم و جلال ويستحي أن يعذب ذا شيبة شابت فى الإسلام.
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله حَيِيٌّ كريم، يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صِفْرًا خائبتين".
المبارك الكافوري : حيّي أي كثير الحياء , وصفه بالحياء يحمل على ما يليق به .
نؤمن بها و لا نكيفها ووصفه تعالى بالحياء : يحمل على ما يليق له.
يستحيي من هتك العاصي و إحلال العقوبة به , فيستره بما يقيض له من أسباب الستر ,فيعفو عنه و يغفر له و يستره ويغفر له و يتحبب إليه بالنعم ,و يستحيي ممن يمد يده ذليلا سائلا أن يردها خائبتين , يحب مع كمال قدرته مع غناه عن خلقه مع كرمه يستحيي أن يهتك ستر العاصي .
يتودد إليه يحلمه يقيد له من أسباب الستر ليعفو عنه و يغفر له , الله عز وجل يتودد إلينا بالنعم و نحن ماذا!! نتجرئ عليه بالمعاصي بعدم الحياء منا إليه .
أنواع الحياء و أقسام الحياء ودجات الحياء و كيف نعالج أنفسنا من التجرؤ على الله.
:: أنواع الحيــــاء ::
1- حياء يتعلق بحق الله عز و جل.
2- و حياء يتعلق بحق المخلوق.
أما الحياء المتعلق بحق الله ,هو أن نستحيي من الله عز و جل أن يراك حيث ينهاك ويفقدك حيث أمرك.
:: أقسام الحياء ودرجاتها ::
نهانا عن الإختلاط يجدنا في محتمع مختلط , نهانا عن المعازف يجدنا وسطها.
في حلية الأولياء : كان ابن عمر يمر مع صحابي فوجدوا مزامير في الطرقات فابن عمر وضع يده على أذنيه قال هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم, ثم استبدل الطريق إلى طريق آخر و قال هكذا فعل صلى الله عليه و سلم.
ونحن إن وجدنا موسيقى نقول لست أنا من فتحها أنا بسمع وفقط ,لابد يا حبيباتي أن يجدنا حيث أمرنا الله عز وجل, لا بد من الحياء من الله عزوجل ,أن تكفي عن كل ما يخالف الأخلاق أن تكف الأذى و أن تبذل الخير للمخلوق .
الحياء هو عبارة عن انفعال يحدث للإنسان عند فعل ما لا يجمله و لا يزينه حينئذ ينكسر و يحصل له الحياء .
إن الحياء يبعث على ترك القبائح ويمنع من التفريط فى الطاعات,و المحسن ويتولد من امتزاج التعظيم بالمودة على حسب قوة خلق حيائك و أيضا قلة حيائك يؤدي إلى موت القلب و الروح.
لديـــنا حياء غريزي و حياء مكتسب.
الحياء الغريزي هو: الطبيعي الذي وهبه الله للعبد,لا يتكلف تعلمه أو البحث عنه أي شخصيته تتسم بالحياء.
الحياء المكتسب :يكون الإنسان عنده طلاقة في اللسان و الجوارح, ليس لديه تريث في الكلمة ,سريع التعقيب ,أهوج. فلما يصحب ناس أهل حياء يكتسب منهم هذا الحياء المكتسب.
معنى الحديث :" إن لم تستح فاصنع ما شئت ." إذا لم تكن ذا حياء صنعت ما تشاء , و هذا للذم إذا لم تكن ذا حياء في طبعك فلتفعل ما تشاء .
:: أقسام الحيــــاء ::
الشيخ ابن القيم قسم الحياء على 10 أوجه :
1- حياء جناية.
2- حياء تقصير.
3- حياء إجلال .
4- حياء كرم .
5- حياء حشمة
6- حياء استصغار للنفس و احتقار لها.
7- حياء محبة .
8- حياء عبودية.
9- حياء شرف و عزة .
10- حياء المستحي من نفسه.
:: حياء الإجــــلال ::
إذا لم نحقق حياء الإجلال لله تعالى فلن نستطيع أن نحقق باقي الحيــاء, يقول الله عز " مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا " [نوح: 13]
يفسرها ابن عباس ويقول :أي مالكم لَا تُعَظِّمُونَ اللَّه حَقّ عَظَمَته أَيْ لَا تَخَافُونَ مِنْ بَأْسه وَنِقْمَته ,وماقدروا الله حق قدره
وقال الحسن: ما لكم لا تعرفون لله حقا ولا تشكرون له نعمة.
قال مجاهد : ما لكم لا تبالون بعظمة ربكم ما لكم لا ترون له طاعته .
أما ابن القيم يقول : مالكم لا تعاملونه معامله من توقرونه, (والتوقير هو العظمة).
من أعظم الظلم والجهل أن تطلب التعظيم والتوقير لك من الناس وقلبك خال من تعظيم الله وتوقيره, فإنك توقّر المخلوق وتجلّه أن يراك في حال لا توقّر الله أن يراك عليها !! قال تعالى:{ مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} أي لا تعاملونه معاملة من توقّرونه والتوقير العظمة .
من علامات تعظيم الله :
1- ألا يقرن اسمه بما يستحيي ذكره
من علامات تعظيم الله والحياء منه بإجلاله أن لا نعدل به شيئا من خلقه,لا في اللفظ و لا في الحب و التعظيم ولا في الخوف و الرجاء.
لا أستطيع أن أقول والله و حياتك , أو ماشاء الله و شئت , لا يصلح !
أحب مثلا أحدا فأعظمه فأطيعه في أمرٍ نهى الله عنه فيكون خوفه في قلبي أكبر من خوف الله عز و جل ,غاية الأسى أن يكون رضاه عليّ أعظم من خوفي من الله عز وجل أقول: لم أشأ إغضاب فلان ففعلت له ما يحرم !!
2- ألا يستهان بحقه
لا ينبغي أن أقترف المعاصي وأقول إن الله غفور رحيم فلا نستهين بحق الله.
المشكلة هي أنني أبحث عن حقي أولا ولا أنظرإلى حق الله عليّ, كلنا نقوم في الصباح ونقول أنا لي كذا ولي كذا لا أحد يقول عليّ طاعة كذا وعليّ قرآن كذا وعليّ استغفار كذا وعلي صلاة على رسول الله كذا ...!!
إذا كنتِ أنت حقا تستحيين من الله لجلاله و عظيم سلطانه ستسألين نفسك عند استيقاظك من نومك عن حق الله عليكِ, فتجدين نفسك لا تستهين بل تكثر من الأعمال و يتعلق قلبك بأنك ترجين رحمة الله و عفوه و قبول عملك.
- لا تجعل حق الله على الفضلة : أي يقدم حق المخلوق على حق الله تعالى . إياك أن تعطي لله فضلة وقتك لا تعطي لله فضلة مالكِ , لا تعطي لله فضلة ذكرك إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا...
لا تجعلي أولويـــاتك في إيصال الأولاد إلى المدرسة وتنظيف البيت وبعد البيت المطبخ وبعد المطبخ المذاكرة وبعد المذاكرة ستجدين نفسك منهكة , وستقولين لنفسك يـــــاه لم يبقى من الوقت سوى نصف ساعة , وستجدين نفسك تقرأين في المصحف وأنتِ لا تعرفين ما تقرأينه ...!
لا تقدمي حق المخلوق على حق الله تعالى, الله أولا هو الأول والآخر والظاهروالباطن...
الكيف الفطن الذي يقوم بعمل كل حاجاته ونيته بدأها لرب العالمين .
يجب أن يعطى الله فى مخاطبته القلب واللب والبدن والروح فى إجلال الله وتوقيره وتعظيمه تعالى,لا تعطي المخلوق فى مخاطبتك القلب واللب ,بل يعطى لله عزوجل فقط.
لو قلت لك سبحان الله أنك يمكن أن تكوني فى حلقة علم وتكوني تتكلمين من أخت ليكِ ستجدين أشياء كثيـــرة حصلت وأنت لم تنتبهي.
لمـــا؟
لأنك كنتِ قاعده مركزة مع الأخت التي كنتِ تتكلمين معها ,ولم تنتبهي لما حصلفي ذلك الوقت.
يمكن أن نكون نصلي وعقلنا في الدنيا وسمعنا في البيت كله , البدن فقط من يركع وينزل للسجود واللسان يكرر لكن القلب والعقل فى الحديث الذي سمعتِه.
ألا يجعل مراد نفسه مقدم على مراد ربه, هذا كله من عدم وقار الله فى القلب ومن كان كذلك يقول ابن القيم : ( فإن الله لا يلقى فى قلوبك الله وقارا ولا هيبة )
من جعل مراد نفسه مقدم على مراد ربه فإن الله لا يلقى فى قلوب الناس.
من كان كذلك فإن الله لا يلقي له في قلوب الناس وقارا ولا هيبة بل يسقط وقاره وهيبته فى قلوبهم وإن وقروه مخافة شره فذلك وقار بغض وإن وقروه كان مخافة شره لا وقار حب وتعظيم.
من الحياء من الله : الحياء من اطلاع الله على سرك فيرى فيه ما يكرهه.
قال تعالى : (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِاجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) الملك13.
وقال تعالى : (مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارً ) أن تسحيي من اطلاع الله على سرك وضميرك فيرى فيه ما يكره قال تعالى : ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً )(108)سورة النساء.
أن يكون حياؤك و إجلالك لله عز و جل أعظم من أكابر الناس لم؟ لأنه من وقار الله أن يستحيي منه في الخلوة أعظم مما يستحيي من أكابر الناس كما قال ابن القيم : ( إذا أردت أن يكون في قلبك حياء الإجلال و تعظيم الله, اعرف الله حق المعرفة على حسب معرفة العبد بربه يكون حياؤه منه .)
الصحابة كانوا يستحيون من النظر في وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم إجلال للرسول صلى الله عليه و سلم, حياء ابن عمر إجلالا لكبار الصحابة لمن هم أتم منه فحدثوني ما هي , وقع الناس في شجر البادية و وقع في نفسي ,إنها النخلة فاستحييت قالوا يا رسول الله أخبرنا بها فقال هي النخلة , فحدثت أبي بما كان نفسي قال : لأن قلتها كان أحب إلي من أن يكون لي كذا و كذا ..)
نحن ليس عندنا حياء إجلال لأكابر الصالحين لتقيين و نتعامل كأنهم ناس عادييون بدون تفضلي وبدون حضرتك وبدون أي شىء...
:: حياء الجناية ::
أما حياء الجناية : فهو ناشئ عن اعتراف العبد بذنبه، فيعلم العبد أنه أذنب، ويعلم أن له رباً فيستحيي منه، كحياء آدم عليه السلام بعد أن فعل المعصية وفر في الجنة، فقال له الله عز وجل: أفراراً مني يا آدم؟! قال: لا يا رب! بل حياء منك.
وروى الإمام البخاري و مسلم عن قتادة عن أنس رضي الله عنه: (أن الناس إذا اجتمعوا في عرصات القيامة وهالهم الموقف، رجعوا إلى الأنبياء، فذهبوا إلى آدم أبي البشر، وقالوا له: يا آدم! أنت أبو الخلق خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة أن يسجدوا لك، ألا ترى ما نحن فيه، ألا تستشفع لنا إلى ربنا، قال: فيقول: لست هناكم ويذكر خطيئته، فيستحيي منها ويقول: اذهبوا إلى نوح) وهكذا مع كل نبي إلى سيدنا عيسى فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته فيستحيي منها.
الشاهد يستحيي منها
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ومذهب السلف -وليس لهم مذهب سواه- جواز الصغيرة على الأنبياء، ولكن هناك فرق بينهم وبين بقية البشر، وهو أنهم إذا فعلوا الصغيرة تابوا منها في الحال وأقلعوا عنها، وكان حالهم بعد التوبة أكمل من حالهم قبل التوبة.
ومن هذا الحياء حياء الفضيل بن عياض رحمه الله، حيث قال: لو خيرت أن أبعث فأدخل الجنة وبين ألا أبعث لاخترت ألا أبعث.
فقيل لـمحمد بن أبي حاتم : هذا من الحياء؟ قال: نعم، من حيائه من الله عز وجل.
وشهد الفضيل بن عياض موقف الناس في عرفات، فأمسك بلحيته وتساقطت دموعه على وجنتيه، وهو يقول: واسوءتاه منك وإن عفوت، واخجلاه منك وإن عفوت.
و الأسود بن يزيد لما احتضر وجاءه الموت، بدا عليه الجزع، قالوا: ولم الجزع؟ قال: ومن أحق مني بالجزع، ومن أولى مني في هذا الموقف بالجزع، إن العبد ليذنب الذنب فيعلم أن الله غفره له، فيستحيي من موقفه بين يدي الله تبارك وتعالى.
يا خجلة العبد من إحسان سيده يا حسرة القلب من ألطاف نعماه فكم أسأت وبالإحسان قابلني واخجلتي واحيائي حين ألقاه يا نفس كم بخفي اللطف عاملني وقد رآني على ما ليس يرضاه يا نفس كم زلة زلت بها قدمي وما أقال عثاري...
لا بد أن يكون بينك و بين الله الحياء من الذنب الذي اقترفته ,إن لم يكن لديك حياء من الله عز وجل ستتجرئين بذنوب أخرى.
لا نحن نقول : غفور رحيم , عفو , وسعت رحمته كل شيء... تذكري دائما : " لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل" تذكري دائما جنايتك ووقوفك بين يدي الله عز وجل . أعطيك مثال صغير - ولله المثل الأعلى - لو لك صديقة و صنعت أمامها ذنب صغير تشعرين بحياءك منها كلما قابلتها , تستحيين منها - ولله المثال الاعلى - أستحيي من عبد ليس له من أمره شيء أم أستحيي من الله!! اللهم استرنا و لا ذكرنا بما جنت أيدينا دائما مع الله عز وجل.
الإمام أحمد ابن حنبل : قال أبو حامد الحلقاني أنشده أبيات:
إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني *** وتخفي الذنب عن خلقي وبالعصيان تأتني
فكيف أجيبي يا ويحي ومن ذا سوف يحميني *** أسلي النفس بالآمال من حين إلىحين
وأنسى ما وراء الموت ماذا بعد تكفيني *** كأني قد ضمنت العيش ليس الموت يأتيني
وجائت سكرة الموت الشديدة منسيحميني *** نظرت إلى الوجوه أليس منهم منسيفديني
سأسأل ماالذي قدمت في دنياي ينجيني *** فكيف إجابتي من بعد ما فرطت في ديني
ويا ويحي ألم أسمع كلام الله يدعوني *** ألم أسمع لما قد جاء في قاف وياسين
ألم أسمع بيوم الحشر يوم الجمع والدين *** ألم أسمع منادي الموت يدعوني يناديني
فيا رباه عبد تائب من ذا سيأويني *** سوى رب غفور واسع للحق يهديني
أتيت إليك فارحمني وثقل في موازيني *** وخفف في جزاء أنت أرجى من يجازيني.
فأمره الإمام أحمد إعادتها عليه, فأعادها , فدخل الإمام أحمد داره و أخذ يرددها و يبكي.
حياء الجناية , استحيوا من الله و حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.!
:: حياء التقصير ::
حياء التقصير، كحياء الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، ثم إذا رفعوا رءوسهم يوم القيامة قالوا لله عز وجل: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك. قال تعالى : (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام:91].
أن تري كل ما تفعلينه قليل في جنب الله حياء مما قصرت فيه .
ليس التقصير في المستحبات وإنما في الفروض.هل تظنين أني إذا صليت يعني صلاتي قُبلت! , أو صمت فصومي مقبول! لابد من أن تأتيَ الله بحياء , أقوم في الصلاة مستحيية من العبادة أن يقبلها الله منك , من منا يأتي بالطاعة وهو على حياء أنه مقصر منها قال تعالى : (والذين يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ) أي يعطون ما أعطوا من الصدقات {وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } خائفة من أن لا يقبل منهم وأن لا يقع على الوجه اللائق فيؤاخذوا به.
الحياء من الله أن تعملي وتأتي بكل ما قمت به وأنت على حـــياء علم بتقصيرك.
إذا كان الملائكة يسبحون بالليل و النهار لا يفترون وإذا كان يوم القيامة قالوا سبحانك ما عبدناك حق عبادتك, ماذا نقول نحن إذن؟؟؟ حياء الملائكة يسبحون الليل والنهار لا يفترون لماذا؟؟ لأنهم عرفوا الله عز وجل بأسمائه وصفاته ومنته وجلاله.
:: حياء الكرم ::
مثلما حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم حين أكرم ضيوفاً عندما دعاهم الى وليمة زينب فأطالوا الجلوس عند رسول الله فقام واستحيى أن يقول لهم انصرفواله فأبوا إلا الجلوس، فعاتبهم الله عز وجل: ( وَلامُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ)[الأحزاب:53].
والمعنى المقصود : لا تمكثوا مستأنسين بالحديث ومثال ذلك أيضاً: أن تأتي إلى أخ لك فيصنع لك حق الضيف، وحق الضيافة ثلاثة أيام، فلا تنتظر حتى تأخذ متاع البيت على كتفيك وترحل، وإنما تتقي اللهتبارك وتعالى في إخوانك.
:: حياء الحشمة وحياء استصغار النفس وحياء عزتها::
هذا الحياء اختفى من بين الناس، كحياء سيدنا علي بن أبي طالب، حيث قال: ( كنتُ رجلًا مَذَّاءً ، فأمَرتُ رجلًا أن يَسأَلَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، لمكانِ ابنتِه ، فسأَل فقال : توضَّأْ واغسِلْ ذكَرَك .
الراوي: علي بن أبي طالب المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 269
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
فما بال الناس قد ارتفع هذا من دنياهم، فيجلس الرجل ويحدث بهذا وبجواره ابنته ولا يستحيي، بل ويكلم الرجل حميه ونسيبه في المسألة مما يتعلق بابنته ولا يستحيي منه.
ومثل الرجل يستحيي أن يسأل ربه الدنيا وهو يعلم أنها لا تساوي عند الله عز وجل جناح بعوضة، يقول أحد العباد: إني لأستحيي أن أسأل ربي الدنيا وهو مالكها، فكيف أسألها من غير مالكها؟! حياء عزة النفس وشرفها، كالرجل الكريم الجواد العظيم في هباته لله، إذا صدر منه ما هو أقل من قدره فإنه يستحيي من هذا وكأنه هو الآخذ، ولا ينظر إلى عيني الآخذ؛ لأنه يعلم كثرة السؤال، فإذا كنت مثلاً متعوداً أن تعطي أحداً من إخوانك كلما قابلته جنيهين، وفي يوم من الأيام قابلته ولا يوجد معك سوى ربع جنيه، فتعطيه هذا الربع وأنت مستحي منه تغض بصرك إلى الأرض، وكأنك أنت الذي أخذت، ومن آداب الأعطية ألا تنظر إلى عيني الآخذ، فللسؤال كسرة، نسأل الله تبارك وتعالى أن ينجينا وإياكم من هذا.
تريد أن تسألي سؤال فقهي ويمنعك حيائك من أن تسألي, هذا حياء الحشمة والوقار والمكانة .
:: حياء الاحتقار و استصغار النفس ::
أن تستصغري نفسك وستتشعري أن أعمالك دون المراد دائما واستعظمت الذنب و الخطيئة.
انظري إلى موسى - عليه السلام - قال : يارب, إنه لتعرى لي حاجة من الدنيا فأستحيي أن أسألك هي يا رب"فقال الله - تعالى - : "سلني حتى ملح عجينتك، وعلف شاتك".
الحياء من استصغار النفس يكون سببه استعظام الذنوبك ,وأنك تسألينه لعظمة الله في قلبك و استعظام خطيئتك, و وإن تفعلت المعاصي مع ذلك تسألين الحوائج وتحتقرىن نفسك لفعلها هذا الذنب " إني استحيي أن أسأل الله من الدنيا و هو مالكها فكيف أطلبها ممن ليس مالكها ."
:: حياء المحبة ::
المحبة هي المحرك هي السلطان الذي يقهر القلب
حياء المحبة حياء المحب من محبوبه - ولله المثل الأعلى -
إذا كان لكِ حبيب تحبينه وهو غائب ستجدين أن القلب به خوف وحياء , هذا لو أتى على قلبك فكيف عند ملاقاته.؟!
كحياء الرسول صلى الله عليه وسلم من الله الذي يقهر القلب، ثم يقر البدن لكن .
أما حياء المحبة فمثاله في البشر أن الرجل مثلاً إذا عقد على امرأة ولم يدخل بها، ثم ذهب إلى بيت أبيها فمجرد أن تخرج عليه تجد أن الدم يتصاعد إلى جبينه من غير أن يدري، أو يتلعثم في كلامه إذا رآها أول مرة بعد العقد، وهذه حالة يعرفها كل الناس، قال الشاعر: فما هو إلا أن أراها فجاءة فأبهت حتى ما أكاد أجيب وإني لتعروني لذكراك هزة لها بين جلدي والعظام دبيب وأما حياء المحبة بالنسبة لله تبارك وتعالى فهذا يدفعك إلى كره المخالطة للخلق، فإذا أحببت الله عز وجل، وعلمت أن الله عز وجل قريب منك، فهذا يدفعك إلى حب الله عز وجل، وهذا الحب يدفعك إلى الأنس بالله عز وجل، ويكره إليك مخالطة الخلق، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية كان إذا أصحر يقول: وأخرج من بين البيوت لعلني أحدث عنك القلب بالسر خاليا وما بقى من زمان الدنيا إلا الخلوة بالله تبارك وتعالى، قيل للإمام أحمد بن حنبل : ما تشتهي؟ قال: سرداب أخلو بالله تبارك وتعالى فيه.
فإذا أبعدك الله عز وجل من مخالطة الخلق، وأنعم عليك بجواره ومحبته والأنس به، فقد اجتباك الله تبارك وتعالى، ولذلك مما يقسي القلب فضول مخالطة الناس ومجالستهم، وقد نهي عن السمر بعد العشاء إلا مع زوج، أو في مطالعة العلم، لكن الناس الآن تبدأ أمورهم بعد صلاة العشاء، وجلساتهم لا تطيب ولا يحلو لهم الجلوس إلا بعد صلاة العشاء، ثم بعد ذلك يضيع عليهم الفجر، فبالله عليك هل العدد الكبير الذين يصلون في العشاء يصلون الفجر؟ فلو أقللت من مخالطتك للناس، وعلمت أن لله حقاً في حرمات الليالي لما كان هذا حالنا مطلقاً.
:: حياء العبودية ::
العبادة كالطائر رأسه محبة وجناحيه خوف ورجاء
حياء العبودية هو حياء ممتزج بالمحبة والخوف هو يحب ربه ويقبل عليه بكل جوارحه وقلبه وعقله ويخشى عدم صلاح عبوديته لمعبوده.
هو حياء كما قال ابن القيم : ممتزج بين خوف وبين حب، ويدفعك هذا إلى استصغار ما يصدر منك في حق الله عز وجل، فتقول في نفسك: بمثل هذه العبودية أقابل الله عز وجل! ولذلك فإن العباد الصالحين دائماً يستغفرون الله عز وجل عند كل طاعة، ويقولون: مثل هذه الطاعة لا تليق بمقام الله عز وجل، فالعبد إذا تحلل من صلاته قال: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفرالله؛ لأن مثل هذه العبادة لا تليق بمالك الملوك سبحانه رحمان الدنيا والآخرة، وتستقل هذا من نفسك، فهذا حياء العبودية.
حياء المرء من نفسه حياء النفوس العزيزة الشريفة الرفيعة يجد نفسه دائما مستحيي من نفسه وكأن له نفسين, لو استحيت من نفسك فالأجدر أن تستحيي من الله فذلك حياء المرأ من نفسه أكمل ما يكون من الحياء.
:: درجات الحياء ::
قال صاحب المنازل الحياء علي ثلاث درجات :
الدرجة الأولى : حياء يتولد من علم العبد بنظر الحق إليه . فيجذبه إلى تحمل هذه المجاهدة . ويحمله على استقباح الجناية . ويسكته عن الشكوى .
يعني : أن العبد متى علم أن الرب تعالى ناظر إليه أورثه هذا العلم حياء منه . يجذبه إلى احتمال أعباء الطاعة ، مثل العبد إذا عمل الشغل بين يدي سيده ، فإنه يكون نشيطا فيه ، محتملا لأعبائه . ولا سيما مع الإحسان من سيده إليه ، ومحبته لسيده . بخلاف ما إذا كان غائبا عن سيده . والرب تعالى لا يغيب نظره عن عبده . ولكن يغيب نظر القلب والتفاته إلى نظره سبحانه إلى العبيد . فإن القلب إذا غاب نظره ، وقل التفاته إلى نظر الله تبارك وتعالى إليه : تولد من ذلك قلة الحياء والقحة .
وكذلك يحمله على استقباح جنايته . وهذا الاستقباح الحاصل بالحياء قدر زائد على استقباح ملاحظة الوعيد . وهو فوقه .
وأرفع منه درجة : الاستقباح الحاصل عن المحبة . فاستقباح المحب أتم من استقباح الخائف . ولذلك فإن هذا الحياء يكف العبد أن يشتكي لغير الله . فيكون قد شكا الله إلى خلقه . ولا يمنع الشكوى إليه سبحانه . فإن الشكوى إليه سبحانه فقر ، وذلة ، وفاقة ، وعبودية . فالحياء منه في مثل ذلك لا ينافيها .
نحن لدنيا العلم ولا يوجد لدينا اليقين
عندنا عِلم أن الله تعالى عليم , خبير, بصير... لكن لا يوجد لدينا يقين أنه فعلا شهيد.!
شاهد لكل جوارحك هذا مع إحسانه إلينا دائما أقول: ليس بنظر العين ولكن بنظر القلب إلى الله عزوجل
بحيث لا يلتفت العبد الى غير الله .
لأن بقدر إلتفات قلبك للناس سيتولد عندك قلة الحياء بالعلم (علم يقين - عين يقين - حق يقين) هذا عين اليقين
حق يقين : نحن لدنيا علم يقين ولكن لايوجد لدينا عين يقين ولا حق يقين.!
كيــــــــــف الوصـــــــول إلي عين اليقيــــــــــــن وحق اليقين ؟؟
عين يقين : أنا أستشعر أن الله عزوجل يراني,وأن هناك ملكين يكتبان أعمالي بهذا الإحساس ستجدين نفسك لا تفعلين هذا أبدا.
الدرجة الثانية : حياء يتولد من النظر في علم القرب فيدعوه إلى ركوب المحبة ويربطه بروح الأنس ويكره إليه مخالطة الخلق هذا حق اليقين .
القلب تحقق بالمعية الخاصة من الله عز و جل قال تعالى : { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ } [الحديد:4] المعية العامة لجميع الخلق فهي بالإحاطة التامة والعلم ، ونفوذ القدرة فهي معية تشمل البار و الفاجر المؤمن و الكافر.
فالمعية العامة تقتضي التحذير من علمه وإطلاعه وقدرته وبطشه وانتقامه . والمعيةالخاصة تقتضي حسن الظن بإجابته ورضاه وحفظه وصيانته ، فكذلك القرب .
وليس هذا القرب كقرب الخلق المعهود منهم ، كما ظنه من ظنه من أهل الضلال ، وإنما هو قرب ليس يشبه قرب المخلوقين ، كما أن الموصوف به ** لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
المعية الخاصة هي معية المؤمنين , معية المتقين الصابرين معية القرب
والخاصة : معية المؤمنين المتقين المحسنين الصابرين كقول الله عز وجل : ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ )[النحل:128] وقال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة: 153) هذه معية موالاة ونصرة وحفظ وتأييد وإعانة .
فإن قرب الله من عبده في القرآن نوعان :
الأول : قرب الله - سبحانه وتعالى - من داعيه بالإجابة ، ومنه قوله تعالى :{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون َ}[البقرة: 186].
والثاني : قربه من عابده بالإثابة ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( و أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد . فأكثروا الدعاء)
الراوي: أبو هريرة المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 482
خلاصة حكم المحدث: صحيح
أقرب ما يكون العبد من الرب في جوف الليل ، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن.
الراوي: عمرو بن عبسة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1647
خلاصة حكم المحدث: صحيح .
فهذا قرب خاص بالداعي دعاء العبادة والثناء والحمد .
وهذا القرب لا ينافي كمال مباينة الرب لخلقه ، واستواءه على عرشه بل يجامعه ويلازمه ، فإنه ليس كقرب الأجسام بعضها من بعض تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، ولكنه نوع آخر ، والعبد في الشاهد يجد روحه قريبة جداً من محبوب بينه وبينه مفاوز تتقطع فيها أعناق المطي ، ويجده أقرب إليه من جليسه.
يعنى هناك فرق بين قرب العبد من ربه وقرب الرب من عبده القصد,انه إحساسك بهذا القرب بهذه النصرة بهذا التأييد و الهداية .
القصد حبيباتى أنه إحساسك بهذا القرب وبهذه النصرة وبهذا التأييد أن الله أقرب للعبد من عنق دابته يدعو صاحب هذا الإحساس إلى المحبة و زيادتها و كلما ازداد حبا ازداد قربا .
والقصد أن هذا القرب يدعو صاحبه إلى ركوب المحبة وكلما ازداد حباً ازداد قرباً ، فالمحبة بين قربين قرب قبلها ، وقرب بعدها ، وبين معرفتين معرفة قبلها حملت عليها ودعت إليها ، ودلت عليها ، ومعرفة بعدها هي من نتائجها وآثارها.
إن الله قال : ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته : كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره الموت وأنا أكره مساءته )
الراوي: أبو هريرة المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6502
خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
القرب في الدرجة الثانية :
تولد لك من النظر لقربه من مثل نظر الله إليك تولد لديك زيادة المحبة ارتقى إلى أن يربط العبد نفسه بالأنس بالله عز و جل.
لا يأتنس إلا به نحن قلنا أن الأنس أن لا يجد وحشة بمفرده .بل ينتظر خلو الناس من البيت , و ينفرد هو بربه عز و جل لوحشة في قلبه استأنس بالله من وحشة الناس .
لتعلق قلبه بهذا الأنس بالله عز و جل تعلقا لا يفارقه يجعل بين القلب و الأنس رابطة لازمة بينه و بين الله عز و جل بحيث تجعله أنه يجد الوحشة في الاختلاط بالناس. و إن خالطهم يخالطهم بجسده ليس بروجه و لا بقلبه , لأن روحه و قلبه في ملأ الأعلى.
الشوق إلى الله والأنس به : فمع كون الله هو القريب من عباده إلا أن عباده المؤمنين به المصدقين بوعده المصدقين برسله المحبين المختبين أعظم شوقاً إلى من كل قريب وكلما ازدادوا صلاحاً وقربة وسجوداً ، لاح من جماله وجلاله ما يزيدهم شوقاً وحنيناً إلى لقائه وأعظم ما يكون هذا الشوق عند لحظات الحياة الأخيرة عند مفارقة الحياة عندها يعظم شوق المؤمن ويحب لقاء الله ويرجوه .
وأبرح ما يكون الشوق يوماً إذا دنت الخيام من الخيام .
قلب طائر إلى الله لا يركض إلى الدنيا لا ينجذب إليها بل يجذبه حبه إلى ربه , حياؤه أنه ناظر إليه وإن خالطهم يخالطهم بجسده فقط فلا يتعلق بسواه ليس بروحه ولا بقلبه لما؟؟ هذا هو المحب لرب العالمين القلب الحيي الذي يحبه الله عز و جل يخالط بجسد لا بروح , فيصل إلى أعلى درجات الحياء و هي شهود الحضرة ,( ليست حضرة الصوفية ) هي انجذاب الروح و القلب من الكائنات و عكوفه على رب البريات فهو في قربه مشاهدا لهذا القرب.
هي أعلى الدرجات لأنها أعلى درجات الإيمان و هي الإحسان ( أن تعبد الله كأنك تراه , فإن لم تكن تراه فإنه يراك )
انجذبت الروح و القلب إلى الله عز و جل لا تقارنها تفرقة , لا يسمح لأي شيء أن يفرق بينه و بين غايته التي أحب الوصول إليها وإذا وصل إليها لا يخطر بباله فى تلك الحال سوى الله وحده و مقام الجمع بينه و بين ربه ومقام الجمع بينه وبين ربه الجمع هنا جمع كأنك تراه.
إذا تكلم ابن القيم عن مقام الجمعية و مقام الجمع فهو يريد انجذاب الروح و القلب إلى الأنس بمعبوده.
فكلما ازداد العبد شكرا على ما أوصله لهذه الدرجة من درجات الحياء زاده الله فضلا وكلما ازاداد منه قربا لاح له من جلاله وعظمته مالم يشاهده قبل ذلك.
صورة
أين نحن من الحياء من الله؟ أين نحن من ناظر الينا ؟!
من شكره الذي إذا شكرناه زادنا فضلا و كلما ازددنا له طاعة زادنا مجدا و ثوابا و كلما ازددنا له طاعة و قربا , علمنا عنه من أسمائه و صفاته ما لم نكن نعلم.
العبد الحيي من الله في مزيد دائم من الله بل انتهاء حتى قيام الساعة , حتى لأهل الجنة في مزيد من النعم , نعيمهم متصل لا نهاية لفضله ولا لعطائه ولا لمزيده ولا لأوصافه فتبارك الله ذو الجلال و الإكرام , قال تعالى : ( إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ) يقول الله عز و جل في الحديق القدسي
... يا عبادي لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وإنسَكم وجنَّكم اجتمَعوا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيتُ كلَّ إنسانٍ منهم مسألتَهُ ما نقصَ ذلِكَ في مُلكي شيئًا إلَّا كما يَنقصُ البحرُ إن يُغمَسْ فيهِ المِخيَطُ غمسةً واحدَةً يا عبادي إنَّما هيَ أعمالُكم أُحصيها لَكم ثمَّ أوفِّيكم إيَّاها فمن وجدَ خيرًا فليحمدِ اللَّهَ ومن وجدَ غيرَ ذلِكَ فلا يلومنَّ إلَّا نفسَهُ)
الراوي: [أبو ذر الغفاري] المحدث:ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم: 8/71
خلاصة حكم المحدث: صحيح
يكون الاستحياء من الله عز وجل بأن لا يضيع فريضة و لا يرتكب خطيئة لعلمه بِأن الله يراه و أنه لا بد أن يقرره يوم القيامة على ما عمله فيخجل و يستحيي من ربه, لا بد أن تتذكري الوقفة بين يديه بماذا تجيبين أعندك حجة؟!
الرأس وما وعى بجميع حواسه الظاهره والباطنة لا نستعيله إلا فيما يرضيه و نحفظ البطن و ما وعى لاتصاله بالقلب و الفرج و اليدين و الرجلين ,فلا يستعمل منها شيئا في معصية الله عزوجل و يذكر الموت من ذكر الموت هان عليه ما فاته من لذات الدنيا ,بل همه ما فاته من لذات الآخرة و عمل على إجلال الله و تعظيمه من أراد الله عز و جل فليرفض جميع ما سواه استحياء منه .
الحياء من الملائكة :
صفة من صفات الصالحين قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وأصدق أمتي حياءً عثمان).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة)، فسيدنا عثمان كان لا يفيض الماء إلا وهو متستر بثوبه، وكان يغتسل ولا يقيم صلبه؛ حياء من الله عز وجل.
وما أكذب عبد الرحمن الشرقاوي حين قال: إن سيدنا عثمان قص على الصحابة ما كان بينه وبين زوجه! فهذا الرجل قد يكذب على أي شخص، لكن على أحيا الأمة عثمان بن عفان فهذا مستحيل! فالحياء من الملائكة واجب، قال الله تبارك وتعالى: ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ [الانفطار:10-11]، أي: فاستحيوا منهم.
ولا أقبح ممن لا يستحيي من الجليس، ولذلك يقول عبد الرحمن بن أبي ليلى : ما على أحدكم إذا خلا بنفسه أن يقول لملكيه : اكتبوا على بركة الله، ثم يفعل الخير.
وكان أبوه يستشعر قرب الملائكة من مجلسه فيقول: يا ملكي ادعوا الله لي، فأنتما أطوع لله مني.
فالإنسان يستشعر قرب الملائكة الأقران فيكرمهم؛ لأنهم أحق بالكرم.
يخبرنا رسول الله - صلى الله عليه و سلم -
بموقف يحدث يوم القيامة حين يوضع الميزان ويوضع الصراط ...
حينها تقول الملائكة : « سبحانك ما عبدناك حق عبادتك »
إذا كان الحياء من أخلاق الملائكة كما ذكرنا فالأولى أن نستحيي منهم الحفظة الكرام الكاتبين ونكرمهم ونجلهم بأن يروا منا ما يرضيهم ولا يروا ما يستحييون أن يرون عليه.
الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بني آدم فإذا كنا نتأذى من الفحش و المعاصي فهم يتأذون أيضا فما ظنكم بأذى الكرام الكاتبين ؟ قال تعالى(وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ [الانفطار:10-11]،) تحب أن تكتب علينا الخير والذكر والطاعه قال تعالى : وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ)ق21.
أيضًا علينا الاستحياء من الناس فإن الحياء من الناس خلق حسن يمنع من المعايب و يشيع الخير و العفاف و يعوّد النفس على الاتصاف بالخصال المحموة , عن حذيفة قال :" لا خير في من لا يستحيي من الناس " قال بعض العلماء :" احيي حياءك بمجالسة من يستحيى منه."
وقال مجاهد : لو لم يكن من مصاحبتك للصالحين إلا أنهم يمنعونك من المعاصي حياءً لكان في هذا خير.
أي: أنك لو لم تستفد من جلوسك وصحبتك للصالحين إلا أن تقلع عن الذنوب حياءً وخجلاً منهم لكفى.
ومن الناس من يتساهل، فإذا نسيت نفسك ونسيت أهلك وزوجك وأولادك، فلا تنس ثلاثة مواقف: موقفاً بين يدي الله عز وجل ليس بينك وبينه ترجمان، فعن عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد إلا سيخلو بربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشام منه فلا يرى إلا ما قدم).
يوم يعاتبك الله عز وجل على سيئاتك ويذكرك بها:أتذكر ذنب كذا يوم كذا وكذا، هذا الموقف لا تنساه أبداً، فإذا نسيت كل من حولك فلا تنس أنك ستخلو بربك يوماً من الأيام.
والموقف الثاني : وأنت على الحوض وتنظر إلى رسول الله لأول مرة، وما نظرت إليه قبلها، انظر بحياء المحبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكيف تخاطبه وكيف تكلمه حين يسألك عن ميراثه، ماذا فعلت به؟ موقف عظيم تتقطع دونه القلوب حسرة.
والموقف الثالث : حين يصاح بك على رؤوس الخلائق: فلان بن فلان، وتتشابه الأسماء، فوالله ما يستقر في قلبك إلا أنك أنت المراد، فتصرخ على رءوس الأشهاد، يقول صلى الله عليه وسلم: (يرفع لكل غادر لواء غدره يوم القيامة عند استه، يقال: هذه غدرة فلان بن فلان) هذا في غدر الناس بالناس، فكيف في قلبك مع ربك، وفي نقضك لعهدك مع الله عز وجل، وكيف بميثاق الفطرة الذي أودعه فيك، ماذا تقول لربك؟! قال تعالى: (هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18]، وقوفك بين يدي الله عز وجل ووقوفك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووقوفك على رءوس الأشهاد.
فيا سوأتا والله راءٍ وسامع لعبد بعين الله يغشى المعاصيا.
اجلسي مع من تستحيين أن تخطئي أمامه , لماذا؟؟ لأنه سيعينك على نفسك وستتحملي السوء و تتجملي أمام الناس , فتتعود على ذلك لهذا قلنا مكتسبة و فطرية من لم يستطع اكتسابها يجلس مع من تستحيي منه
يقول صلى الله عليه و سلم
البر حسن الخلق ، و الإثم ما حاك في صدرك ، و كرهت أن يطلع عليه الناس)
الراوي: النواس بن سمعان المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2880
خلاصة حكم المحدث: صحيح.
نهاية الحياء وكماله : أن لا تستحيي من الحق إذا كنت ترين موقفا يدعوا إلى النصح و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ,فلم تنصحي وقلتِ أنا أستحيي أن أنصح فهذا حياء مذموم و الله لا يستحي من الحق هذا لا يعتبر حييا أبدا.
استحي من القول البذيء أستحيي في الجهر بالقول السيء , من التجسس , من سوء الظن ,في الهمزة و اللمزة و شهادة الزور هذا ما يستحيى منه .
أما في النهي عن المنكر و الأمر بالمعروف فلا يسمى حياء , ولن تصلي في كمال حياءك إلا إذا قمت بالدفاع عن دينك و شريعتك ,و الدين النصيحة ترك الحياء فى النصح والأمر والنهي هذا فيه وعيد من الله فلابد أن لا تتركيه قال تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)[آل عمران:110].
أحيانا نستحيي أن ننصح من هو أكبر منا سنًا ,تعلمت من أحد الشيوخ أن الحياء في غير موضعه هو عجز وليس حياء فالخيرية في أمتنا بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ,يقول صلى الله عليه و سلم : ( لا يمنعنَّ رجلًا هيبةُ الناسِ أن يقولَ بحقٍّ إذا رآه أو شهِدَه فإنه لا يقرِّبُ من أجلٍ ولا يباعِدُ من رزقٍ أو يقولَ بحقٍّ أو يُذكِّرَ بعظيمٍ)
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث:الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 1/324
خلاصة حكم المحدث: صحيح الإسناد
أمثلة فى الحياء
مثال عالي جدا في حياء المرأة للمرأة المسلمة حياء أمنا عائشة رضي الله عنها لما دخلت على قبر أبيها وزوجها النبي وبينها عمر .
( عن عائشة قالت كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي فأضع ثوبي فأقول إنما هو زوجي وأبي فلما دفن عمر معهم فوالله ما دخلته إلا وأنا مشدودة علي ثيابي حياء من عمر رضي الله عنه )
الراوي: [عروة بن الزبير] المحدث:الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 8/29
خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح,
المرأة يجب أن تكون دائما على حياء وعفاف و طهارة ,انظري وصفها الله عز و جل فقال : (فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء)القصص25.
هذه المرأة أتت موسى عليه السلام مع عدم علمها بشخصه ومن يكون موسى عليه السلام ...
أتته تمشي على استحياء...مشية الفتاة الطاهرة الفاضلة العفيفة حين تلقى الرجال ‘على استحياء"
لم تأته بكامل زينتها ولم تأته تتغنج أو تتبختر بل أتته تمشي على استحياء في غير ما تبذل ولا تبرج ولا إغواء وصف الله تعالى حيائها الذي هو شعبة من شعب الإيمان.
دعوة في أقصر لفظ وأدله يحكيه القرآن بقوله:
{إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنا} القصص.
فمع الحياء الإبانة والدقة والوضوح، لا تلجلج ولا تعثر ،وذلك كله من الفطرة السليمة المستقيمة فالفتاة القويمة تستحي بفطرتها عند لقاء الرجال والحديث معهم، ولكنها لثقتها بطهارتها واستقامتها لم تضطرب الاضطراب الذي يطمع ويغري ،إنما تتحدث في وضوح بالقدر المطلوب ولا تزيد.
فخاطبت موسى عليه السلام بكلام موجز مختصر مفيد،لا انكسار ولا خضوع فيه،
وأسندت الدعوة إلى أبيها وعللت ذلك بالجزاء على ما فعل لكي لا يبقى مجال للريب والشك.
وهذا من الحياء أيضا بل هو قمة الحياء.
حيث أنها لم تَنسب أمْر الدعوة والجزاء لِنفسها بل نسبته إلى أبيها ،
قال ابن كثير رحمه الله :
وهذا تأدُّب في العبارة ،
لم تَطلبه طَلبا مُطلقا ، لئلا يُوهِم ريبة بل قالت :إن أبي يدعوك لِيجزيك أجْر مَا سقيت لنا يعني : ليُكَافئك على سَقيك لِغَنَمِنَا ..
كم لنا في هذه الآية من عبرة وعظة ؟؟!! وما أحوجنا إلى التحلي بالحياء ذلك الْخُلُق الـنَّبِيل.
حياء المرأة يجب أن يكون رأسها في الأرض كأنها تبحث عن شيئا ,المرأة إذا كلمها رجل لا تنظر في عين الرجل الأجنبي.
نحن إن كلمنا بائع الطماطم ننظر إليه و ينظر إلينا و لو كنت ألبس نقابا إذا كلمك ابن خالتك تجدين عينيك في عينيه الجار البائع... حتى المرأة مشيتها على استحياء لأن المرأة حين تمشي بسرعة يتحرك جسمها كله يهتز اهتزازا قويا لأن جسم المرأة كله فتنة حتى فى مشيتك حياء حشمة ووقار ومكانة ,كانت المرأة تمشي في الطريق في عهد الرسول صلي الله عليه و سلم تمشي في حافة الطريق حتي يلتصق ثوبها بالجدار.
يقول عبد الله بن مسعود : ثلاثة أعجبتني حتى أضحكتني مؤمل دنيا والموت يطلبه, و غافل وليس بمغفول عنه و ضاحك ملء فيه لا يدري أساخط رب العالمين عليه