معنى كلمة يخلق

هناك علي الأقل ثلاث مشاكل تواجه من يدعي الإعجاز في هذه الآية:
معني كلمة {يخلق}:
معني الخلق في لسان العرب: الخلق في كلام العرب: ابتداع الشيء علي مثال لم
يسبق إليه ؛ وكل شيء خلقه الله فهو مبتدئه علي غير مثال سبق إليه لسان
العرب لابن منظور باب الخاء.
إن المتأمل لفعل {خلق} في القرآن يجد أنه فعل مختص بالله سبحانه أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون
سورة النحل 16الآية 17 وبالتالي فهو فعل يميز الله عن غيره ، وهو فعل
استعمل للدلالة علي عملية الابتداء علي مثال لم يسبق إليه كما جاء في
اللسان :
كخلق السموات والأرض أو خلق الإنسان .......إلخ، والخلق عملية يتولاها الله
سبحانه ويقوم بها بنفسه دون وساطة أحد ولا يوكلها إلي أي مخلوق آخر ،
وبالتالي فإن الأفعال التي يقوم بها أي مخلوق لا يمكن أن يقال عنها بأنها
خلق، لذلك لا يمكن أن يقال عن الصناعة خلقا".
هناك آيتان شكلتا الاستثناء في هذه القاعدة القرآنية:
والله خلقكم وما تعلمون سورة الصافات
37 : 96 : هذه الآية جاءت علي لسان إبراهيم في عتاب لقومه حيث يدور حوار
افتراضي يتساءل فيه إبراهيم قال أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون
!وهذه الآية تتحدث عن الخلق غير المباشر الذي ينسب لله أيضا" ، لأنه بما
أنه خلق الناحت فالمنحوت يعتبر خلقا" له بالتعدي . لكن هذه الآية مجرد
استثناء هذا أولا" ، وثانيا" فيها قرينة لغوية توضح بأن معني الخلق هنا خلق
مباشر وخلق غير مباشر أيضا" (ما تنحتون....ما تعملون) ، فلولا وجود هاتين
القرينتين لما أمكن تفسير الخلق إلا علي ظاهره وهو الخلق المباشر المعروف
كخلق السموات والأرض وخلق الإنسان . وبما أن الآية موضوع الدراسة لا توجد
فيها أي قرينة لغوية تفيد عكس الخلق المباشر وهو ظاهر الآية فلا يمكننا
قبول الخلق بمعني الصنع، إذن فالآية ينبغي أن تؤخذ علي ظاهرها إلي حين وجود
دليل قاطع يفيد عكس ذلك.
الآية الثانية التي شكلت الاستثناء هي قوله :إنما تعبدون من دون الله أوثانا" وتخلقون إفكا"
سورة العنكبوت 29 الآية 17 ومعناها :{تعبدون الأوثان وتخلقون الكذب} تفسير
القرطبي لسورة العنكبوت 29 الآية 17 هذه الآية هي الأخرى تحوي قرينة لغوية
تفيد معني الخلق بالمعني الاستثنائي خروجا" علي القاعدة ، فالحديث موجه
إلي بشر وجاء ذكر الأوثان قبله وهو أيضا" كلام مفترض من إبراهيم إلي قومه ،
ويصح في الكلام أن نقول {خلق كذبة} أو {اختلق الكذب} : بمعني أوجد شيئا"
لم يكن له وجود من قبل . إذن فمعني الخلق ما كان ليخالف المعني السائد لولا
وجود هذه القرائن في الآية .
السياق
إن سياق الآية يقتضي الكلام عن المخلوقات من الأحياء ، حيث أتي علي ذكر خلق
الإنسان أولا" ، ثم ذكر الأنعام 6 التي يأكل منها الإنسان ، وبعد ذلك سرد
مجموعة من الحيوانات التي يركبها الإنسان ، وختمها بقوله ويخلق ما لا
تعلمون ، فالسياق إذن يقتضي أن يستمر الحديث عن مخلوقات حية أخري لا يعلمها
الإنسان وليست مما يأكل منه ولا مما يركبه .. فالانتقال مستحيل من مخلوقات
إلي مصنوعات في ظل هذا السياق ، ولا توجد أي قرينة تؤكد لنا ضرورة هذا
الانتقال ، فلو أراد القرآن التطرق إلي وسائل الركوب من المصنوعات لذكر لنا
أولا" ما كان متوفرا" حينها من وسائل النقل كالعربات والسفن حتي يكون سياق
الآية متناسقا" مع التأويل الذي أراده دعاة الإعجاز لكلمة ما لا تعلمون !
إذن فتفسير ما لا تعلمون علي أنه سيارات وطائرات ووسائل النقل العصرية هو
تفسير مبني علي الظن ليس إلا ، إذ لا يوجد ما يؤكده لا من الناحية اللغوية
ولا من ناحية السياق ، وبالتالي لا يمكننا قبول إعجاز مبني علي الظن
والغموض ، بل فيه مخالفة حتي لأبسط قواعد تفسير القرآن المعروفة وهي حمل
النص علي ظاهره إلي أن يثبت العكس . ولنلق نظرة علي تفاسير القرآن لهذه
الآية لنتأكد من معناها:
التفاسير
جاء في تفسير القرطبي لهذه الآية : روي عن النبي صلعم أنها أرض بيضاء ،
مسيرة الشمس ثلاثين يوم مشحونة خلقا" لا يعلمون أن الله تعالي يعصي في
الأرض ، قالوا : يا رسول الله ، من ولد آدم ؟ قال: (لا يعلمون أن الله خلق
آدم) قالوا: يا رسول الله ، فأين إبليس منهم ؟ قال : (لا يعلمون أن الله
خلق إبليس) – ثم تلا ويخلق ما لا تعلمون ذكره الماوردي تفسير القرطبي لسورة
النحل 16الآية 8 .
وجاء في تفسير الرازي : اعلم أنه تعالي لما ذكر أولا" : أحوال الحيوانات
التي ينتفع الإنسان بها انتفاعا" ضروريا" وثانيا" : أحوال الحيوانات التي
ينتفع الإنسان بها انتفاعا" غير ضروري بقي القسم الثالث من الحيوانات وهي
الأشياء التي لا ينتفع الإنسان بها في الغالب فذكرها علي سبيل الإجمال فقال
:ويخلق ما لا تعلمون تفسير الرازي لسورة النحل 16آية 8
وأما الطبري فيقول :{ ويخلق ما لا تعلمون
يقول تعالي ذكره : ويخلق ربكم مع خلقه هذه الأشياء التي ذكرها لكم ما لا
تعلمون مما أعد في الجنة لأهلها وفي النار لأهلها مما لم تره عين ولا سمعته
أذن ولا خطر علي قلب بشر} تفسير الطبري لسورة النحل 16الآية 8 .
لقد اخترت فقط نماذج مما قاله المفسرون ، حتي يتأكد القارئ بأن ادعاء
الإعجاز في هذه الآية ليس مخالفة لأصول التفسير فحسب ، بل هو خروج عما أجمع
عليه قدماء المفسرون وما ذكر في أمهات الكتب وبالتالي فهو تفسير بالرأي ،
والتفسير بالرأي حرام شرعا" ! فهل يستطيع دعاة الإعجاز أن يعطونا دليلا"
واحدا" سواء من اللغة ، أو من السياق ، أو مما رواه السلف ، أو مما قاله
قدماء المفسرين يؤكد إعجازهم المزعوم ؟ إن الإعجاز ينبغي أن يكون واضحا"
جليا" ودقيقا" ، ليس مبنيا" علي تأويل الكلام وإبعاده عن سياقه العام ،
والخروج به عما أجمع عليه علماء السلف .

» معنى كلمة كوكب في القرآن الكريم
» هل تعلم ما معنى كلمة جزاك الله خير التي تستخدمها في ردودك؟
» كلمة شكرا ابنت العجمى
» أسبانية تشرح معني كلمة ( الله )
» ما معنى “سر‌ابيلهم من قطران” في القرآن؟