منزلة الأم في السنة

إنَّ الأمر ببر الوالدين كان دوماً مما أوحاه الله لرسله .. فلم يكن من الأنبياء إلا من أمر به ودعى إليه .. لكنه في الشريعة الإسلامية أكثر اعتناءاً و بياناً و حرصاً ،لذلك أكد عليه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وحث على ضرورة بر الأم والعمل على طاعتها وارضاءها واعتبر ذلك وثيق الصلة برضا الله سبحانه وتعالى وان عقوقها يأتى بعد الشرك بالله والعياذ بالله فى الاثم .

قال صلى الله عليه وسلم " رضا الرب فى رضا الوالدين وسخطه فى سخطهما " رواه الطبرانى.

و الأم هى أولى الناس بالرعاية والعطف عليها لحاجتها للحنان نظرا لطبيعتها الأنثويه .. فهي ذات عاطفة حانية أكثر من الاب وهى التى تحملت وعانت من الحمل والوضع والرضاعة .. لذا خصها الرسول صلى الله عليه وسلم بالبر وشدد على حسن صحبتها أكثر من الأب حيث جاء فى الحديث

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ! من أحقُّ الناس بحسن صحابتي ؟ قال: "أمُّـك"، قال: ثم من؟ قال: "أمُّك"، قال: ثم من؟ قال "أمُّـك"، قال ثم من؟ قال: "أبوك "

بل و قدم الاعتناء بالأم على العبادات الأخرى و حتى تلك التي فيها مصلحة عامة للاسلام .. فقدم الاعتناء بها و رعايتها حتى على الجهاد في سبيل الله ..

عن معاوية بن جاهمة السُّلَمي أنه استأذن الرسول صلى الله عليه وسلم في الجهاد معه، فأمره أن يرجع ويَبَرَ أُمَّه، ولما كرر عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "ويحك .. إلزم رِجلها .. فثمَّ الجَنَّة".رواه الإمام أحمد في المسند وابن ماجة - واللفظ له.

ففى هذا الحديث يتضح لنا عظم فضل البر بالأم والذى قد يصل الى مرتبة الجهاد أو يجاوزه و ربما يكفي هذا الحديث و أمثاله في بيان عظم الفضل في ذلك .. اذ يعلم المسلم عظم أجر الجهاد في سبيل الله و أنه من أفضل الأعمال تقرباً إلى الله .. فلربما يرى قارئ للأحاديث أن بر الأم يأتي بعد الإيمان بالله ووحدانيته في الأهمية ..

ولكن كيف يكون البر؟

تتعدد أوجه البر بين ماهو معنوى ومادى ,فالبر كلمة جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وبر الأمهات يعني الإحسان إليهنَّ وتوفية حقوقهن على الوجه الأمثل .. وطاعتهن في ما يامرن به في حدود شرع الله تعالى .. ويكون البر بحسن المعاملة والمعاشرة .. وبالصلة و عدم القطيعة والإنفاق عليهن دون انتظار المقابل .. بل و الحرص على راحتهن النفسية و ادخال السرور عليهن قولاً و عملاً ..

فعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نمت، فرأيتني في الجنة، فسمعت صوت قارئ يقرأ، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا حارثة بن النعمان، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذاك البر، كذاك البر، وكان أبر الناس بأمه.

وتوضح عائشة رضي الله عنها بعض مظاهر هذا البر فتقول: كان رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبر من كانا في هذه الأمة بأمهم: عثمان بن عفان، وحارثة بن النعمان.

فأما عثمان: فإنه قال: ما قدرت أن أتأمل أمي منذ أسلمت.

وأما حارثة: فإنه كان يفلي رأس أمه ويطعمها بيده، ولم يستفهمها كلاماً قط تأمر به حتى يسأل من عندها بعد أن يخرج:ما أرادت أمي؟.

وكان أبو هريرة إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أمه فقال: السلام عليك ياأماه ورحمة الله وبركاته، رحمك الله كما ربيتني صغيراً، فتقول: وعليك السلام ياولدي ورحمة الله وبركاته، رحمك الله كما بررتني كبيراً.

ومن كل هذا يتضح لنا كيف حضت السنة على بر الأم وكيف رفعت مكانتها وحثت على طاعتها و كيف كانت نماذج بعض المسلمين الأوائل الذين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في بر أمهاتهم ..

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

» الشجرة الأم
» الفصل الثاني السنة
» الأم في القرآن الكريم
» مكانة الأم فى الإسـلام
» كنوز من السنة في باب الدعاء