بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين ،
اللهم اجعل حبك أحب الأشياء إلينا ، واجعل خشيتك أخوف الأشياء عندنا ،
واقطع عنا حاجات الدنيا بالشوق إلى لقائك ، وإذا أقررت أعين أهل الدنيا من
دنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك .وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، وخيرته من خلقه وصفيّه و صل ، وسلم ، وبارك على
سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ، أمناء دعوته ، وقادة
ألويته أعلام الهدى ، وأبطال الوغى ، وارض عنا وعنهم يا رب العالمين.احبتي في الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله ، وأحثكم على طاعته ، وأستفتح بالذي هو خير .أن الإنسان هو المخلوق
الأول والمكرم ، بدليل أن الكون كله ، بسماواته وأرضه مسخر له ، تسخير
تعريف وتكريم ، فإذا آمن الإنسان ، بأنه خالقاً عظيماً ، ورباً كريماً ،
ومسيراً حكيماً ، خلقه في أحسن تقويم ، وكرّمه أحسن تكريم ، وفضله على كثير
من العالمين ، أنعم عليه بنعمة الإيجاد وبنعمة الإمداد ، و بنعمة الهدى
والرشاد .إن هذا الإيمان ، وذاك
العرفان يحملان الإنسان على محبة خالقه ومربيه ، فالإنسان بعقله يؤمن ،
وبقلبه يحب ، وهل الإنسان إلا عقل يدرك ، وقلب يحب .. وقد ورد في الأثر :
((أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً)) .وورد في الخبر ، أنه لا
إيمان لمن لا محبة له ، فالإيمان والحب متلازمان ، تلازم الروح وبالجسد ،
فما قيمة الجسد من دون روح كذلك ما قيمة الإيمان من دون حب ، وإذا صحَّ أن
العقل للإنسان كالمقود للمركبة ، يقودها على الطريق الصحيح ونحو الهدف
الصحيح، فإنه يصحُّ أيضاً أن القلب للإنسان كالمحرك لهذه المركبة ،
يحرِّكها على هذه الطريق ونحو ذلك الهدف .. فما قيمة المقود من دون محرك ؟
إنه الجمود والموت ، وما قيمة المحرك من دون مقود ؟ إنه الهلاك والدمار .المحبة هي قوت القلوب ،
وغذاء الأرواح ، وهي الحياة التي من حُرمها فهو في جملة الموات ، وهي النور
الذي من فقده فهو في بحار الظلمات ، وهي الشفاء الذي من عَدِمه حلَّت به
الأسقام ، وهي اللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام ، لذلك قال
صلى الله عليه وسلم فيما رواه أنس بن مالك [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط](ثلاث
من كُنَّ فيه ، وجد بهن حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه
مما سواهما ، وأن يُحبَّ المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في
الكفر ، بعد إذ أنقذه الله منه ، كما يكره أن يُلقى في النار)) . [متفق عليه]فإذا
عرف الإنسان ربه أحبه ، وإذا أحبه خطب وده ، فاستقام على أمره ، وعمل
الصالحات ، ابتغاء وجهه ، عندئذ يجد حلاوة الإيمان بعد أن ذاق جحيم الكفر ،
إن الإنسان وقد عرف هذه المعرفة ، وذاق هذه الحلاوة ، يصبح شغله الشاغل ،
التقرب من المحبوب ، يقول الله تعالى فيما رواه النبي صلى الله عليه وسلم
عن ربه ، في حديث صحيح أخرجه الإمام البخاري : ((لا
يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع
به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ، ولئن
سألني لأُعطينه ، ولئن استعاذني لأُعيذنه)) .
كثيرون هم الذين يدّعون
محبة الله ورسوله ، ولا تجد في أعمالهم ما يُثبت ذلك ، إنهم خاضوا بحار
الهوى دعوى ، وما ابتلوا ، ولو يُعطى الناس بدعواهم لادعى الخلي حرقة الشجي
، لذلك طولب المدَّعون بإقامة الدليل على صحة دعواهم ، فقال تعالى :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][سورة آل عمران]تعصي الإله وأنت تُظهر حبَّه هذا لعمري في المقال بديـعُلو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيـعُ***ولقد ردَّ الله عز وجل على هؤلاء الذين قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه ، فقال :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][سورة المائدة ]ومن هنا استنبط الإمام الشافعي - رحمه الله - أن الله لا يعذب أحبابه .
محبة الله أصل : ومن فروعها
محبة النبي صلى الله عليه وسلم ، فليس أحد بعد الله تعالى أمنَّ علينا في
هدايتنا ، وسعادتنا من رسولنا صلى الله عليه وسلم .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][سورة التوبة]لذلك قُرنت محبة الرسول صلى الله عليه وسلم بمحبة الله تعالى في معظم آيات القرآن، وفي السنة المطهرة ، قال تعالى :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][سورة التوبة]وفي الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم : ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين)) .
بل إن إرضاء الله ، هو عين
إرضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإرضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
هو عين إرضاء الله ، قال تعالى :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][سورة التوبة]هكذا
بضمير المفرد .. ولم يقل " يرضوهما " بضمير المثنى ، وكذلك طاعة رسول الله
صلى الله عليه وسلم هي عين طاعة الله تعالى ، حيث يقول :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][سورة النساء]هذا خصم عنيد من خصوم النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة : ما رأيت أحداً يحبُّ أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمداً .وإليكم نموذجين من هذه المحبة :ثوبان مولى رسول الله صلى
الله عليه وسلم كان شديد الحب له ، قليل الصبر عنه ، أتاه ذات ليلة وقد
تغير لونه ، ونحل جسمه وعُرف ذلك في وجهه ، فقال له الرسول صلى الله عليه
وسلم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط](يا
ثوبان ما غير لونك " ؟ فقال : يا رسول الله ، ما بي وجع ولا ضرٌّ غير أني
إذا لم أرك اشتقت إليك ، واستوحشت وحشة شديـدة حتى ألقاك ، ولولا أني أجيء
فأنظر إليك ، لظننــت أن نفسي تخرج - أي أموت - ثم ذكرت الآخرة ، وأخاف ألا أراك هناك ، لأني عرفت أنك مع النبيين ، فلم يردَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً)) ، لكن الله جل في علاه أجابه عن تساؤله في القرآن الكريم فقال تعالى : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][سورة النساء]نموذج آخر :
امرأة أنصارية من بني دينار
، تسمع إشاعة أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد قُتل ، في أُحد ، فيؤلمها
النبأ ، وتخرج لتستجلي الحقيقة ، وتمر على أرض المعركة ، وتجدُ في الشهداء
ابنها وزوجها وأخاها ، فلا تقف عندهم ، بل تندفع باحثة عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم تسأل عنه كل من لقيت : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
؟ فيقولون : أمامك حتى وصلت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، واطمأنت على
سلامته ، فأخذت بطرف ثوبه ، ثم قالت : كل مصيبة بعدك جلل ( هينة ) ولا
أبالي ما سلمت من عطب .
أية امرأة أنتِ ؟ لله درك ..
ولو أن النساء كمن رأينـا لفُضِّلت النساء على الرجال .محبة
الله أصل ، ومن فروعها محبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين
عزروه ، ونصروه ، واتبعوا النور الذي أنزل معه ، والذين جاهدوا معه حق
الجهاد ، وبذلوا من أجل انتشار الحق كل غالٍ ورخيص ، ونفس ونفيس ، والذين
رضي الله عنهم جمعياً ، والذين وصفهم المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال : ((علماء حكماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء)) .
وقد أمرنا صلى الله عليه وسلم وفاءً لحق صحبتهم وتقديراً لمكانتهم ألا نخوض فيما بينهم ، فقال : ((إذا ذُكر أصحابي فأمسكوا)) .
[رواه الطبراني في الكبير ، عن ابن مسعود]وقال : ((لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه فهم كالنجوم ، بأيهم اقتديتم اهتديتم)) .فهؤلاء الأصحاب ، بإيمانهم ،
وثباتهم ، وبطولاتهم ، وولائهم لرسولهم صلى الله عليه وسلم استطاعوا في
مثل سرعة الضوء أن يضيئوا الضمير الإنساني بحقيقة التوحيد ، ويكنسوا إلى
الأبد وثنية القرون ، فأيُّ بذل هذا الذي بذلوا ، وأي هولٍ هذا الذي
احتملوا ، وأيُّ فوزٍ هذا الذي أحرزوا .محبة الله أصل ، ومن فروعها
محبة المؤمنين : تلك المحبة التي تؤلف القلوب ، وتوحد الصفوف ، وتبني
المجتمعات ، وتصنع المعجزات ، وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم مجتمع
المؤمنين في توادهم ، وتعاطفهم ، وتراحمهم بالجسد الواحد ، إذا اشتكى منه
عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، وهم كالبنيان المرصوص ، يشدُّ
بعضه بعضاً ، وهم لبعضهم بعضاً ، نصحةٌ متوادُّون ، ولو ابتعدت منازلهم ،
بينما المنافقون بعضهم لبعض ، غششةٌ متحاسدون ولو اقتربت منازلهم .لذلك .. يجب ألا نعجب إذا
جعل النبي صلى الله عليه وسلم حب المؤمنين علامة كافية على صحة الإيمان ،
وصدقه ، بل جعل محبة المؤمنين شرطاً وحيداً لوجود الإيمان في الرجل فقال [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط](والذي نفسي بيده ، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا)) . [أخرجه مسلم في صحيحه رقم 93 ، وأخرجه الإمام أحمد والترمذي وغيرهم عن أبي هريرة ]روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أيها
الناس ، اسمعوا واعقلوا واعلموا أن لله عز وجل عباداً ليسوا بأنبياء ولا
شهداء يغبطهم النبيون والشهداء على منازلهم ، وقربهم من الله ، فجثا
رجل من الأعراب من قاصية الناس وألوى بيده إلى الني صلى الله عليه وسلم
فقال : يا رسول الله ناسٌ من الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم
الأنبياء والشهداء على مجالسهم ، وقربهم من الله انعتهم لنا ، فسُرَّ النبي
صلى الله عليه وسلم بسؤال الأعرابي فقال : هم ناس من أفناء الناس ونوازع
القبائل لم تصل بينهم أرحام متقاربة تحابُّوا في الله وتصافوا يضع الله لهم
يوم القيامة منابر من نور فيجلسون عليها ، فيجعل وجوههم نوراً ، وثيابهم
نوراً ، يفزع الناس يوم القيامة وهم لا يفزعون وهم أولياء الله الذين لا
خوف عليهم ولا هم يحزنون)) .
وفي الحديث القدسي : ((وجبت محبتي للمتحابين فيَّ وللمتجالسين فيَّ وللمتزاورين فيَّ وللمتباذلين فيَّ)) .
[أخرجه الإمام أحمد في مسنده والطبراني في الكبير ]وفي حديث آخر :
((المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء)) .
[أخرجه الترمذي في كتاب الزهد 2390 ، وقال حسن صحيح]وروى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) ، وفي رواية : ((وحتى يكره له ما يكره لنفسه)) ، فالمراد بأحدكم في الحديث : كل المسلمين في كل العصور ، وكل الأمصار ، لرواية أخرى تقول : ((لا يؤمن أحدٌ أو عبدٌ ))
، وإن كان بهذه الصيغة خاصاً بالمشافهين ، الذين عاصروا النبي ، والمراد
بالأخ في الحديث من له أخوة الإسلام مطلقاً .. كما ورد في بعض الروايات :
((لأخيه المسلم)) ، فالمسلمون على اختلاف شعوبهم ، وقبائلهم، وديارهم ، وألسنتهم ، وألوانهم هم أسرة واحدة ، قال تعالى :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][سورة الحجرات]ويستفاد
من كلمة إخوة التي تعني أخوة النسب أن أخوة الإيمان أعلى درجات الأخوة،
ويستفاد من كلمة إنما أن الأخوة الحقة قاصرة على المؤمنين ، وكل علاقة أخرى
لا تقوم على الإيمان ، علاقة أساسها المنافع تدوم بدوامها ، وتزول بزوالها
، وفي رواية للنسائي: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، من الخير)) ، وهذه الكلمة : ((من الخير)) قيد لا بد منه ، لأن من كان يحب لنفسه شيئاً من المشتهيات المحرمة ، ليس من الإيمان أن يحب لأخيه مثلها ، فالمراد ((بالخير))
في الحديث ما هو خير شرعاً ، والخير الشرعي يتناول الحظوظ الأخروية كلها ،
كالعلم النافع ، والعمل الصالح ، والعبادة الخالصة ، والعاقبة الحُسنى ..
ولا يتناول من حظوظ الدنيا إلا ما كان مباحاً غير مذموم ، كسعة الرزق من
الحلال ، ونجابة الأولاد ، وطول العمر ، والسلامة من المكاره.
رُوي عن ابن عباس رضي الله
عنهما أنه كان معتكفاً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتاه رجل
فسلم عليه ، ثم جلس فقال له ابن عباس : يا فلان ، أراك مكتئبا حزيناً؟ قال :
نعم ، يا ابن عم رسول الله ؛ لفلان عليَّ حق ولاءٍ ، وحرمةِ صاحب هذا
القبر ما أقدر عليه .. قال ابن عباس : ألا أكلمه فيك ؟ قال : إن أحببت ،
قال : فانتعل ابن عباس ، ثم خرج من المسجد ، فقال له رجل : أنسيت أنك معتكف
؟ قال : لا ولكني سمعت صاحب هذا القبر ، والعهد به قريب ، فدمعت عيناه ،
وهو يقول : ((من مشى في حاجة أخيه ، وبلغ فيها كان
خيراً له من اعتكاف عشر سنين ، ومن اعتكف يوماً ابتغاء وجه الله تعالى جعل
الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق ، كل خندق أبعد ما بين الخافقين)) .
[ورد في كنز العمال 24019 ،ورواه الخطيب وقال غريب ورواه الطبراني في الكبير ورواه الحاكم]وفي الحديث : ((لأن أمشي مع أخٍ لي في حاجة ، خير لي من صيام شهر واعتكافه في مسجدي هذا)) .
[أورده السيوطي في الجامع الصغير ]ومن
ثمار المحبة بين المؤمنين إذاً ، التراحم ، والتعاون ، والتضامن ،
والتكافل ، والمؤاثرة ، فقد أمر الله المؤمنين بالتعاون فيما بينهم ، إلا
أنه قيد التعاون بأن يكون تعاوناً على البر والتقوى ، لا تعاوناً على الإثم
والعدوان .. قال تعالى :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][سورة المائدة ]قال
علماء التفسير : التعاون على البر هو التعاون على صلاح الدنيا ، والتعاون
على التقوى هو التعاون على صلاح الآخرة ، وفي الدعاء النبوي الشريف : ((اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي)) .
[أخرجه مسلم]فمن
التعاون : التناجي بين المؤمنين في صلاح دنياهم وآخرتهم ، والمشاركة في
إبداء الآراء ، وتوضيح الحقائق ، وتشخيص المشكلات ، والبحث عن الحلول ،
وتذليل العقبات ، فليس من سمات المؤمن الصادق الفردية والانعزالية والسلبية
، والهروب من حلِّ المشكلات ، قال تعالى:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][سورة المجادلة]لذلك تُعدُّ الشورى من مظاهر التعاون الفكري ، أمر بها رسوله فقال :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][سورة آل عمران]ووصف بها المؤمنين فقال :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][سورة الشورى]ومن التعاون بين المؤمنين تنفيس الكروب وتيسير الخطوب وستر العيوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة برواية مسلم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط](من
نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ،
ومن يسر على مُعسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلماً
ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون
أخيه)) .فتنفيس الكروب هو تفريجها
وإزالتها ، والكروب جمع كربة ، وهي الحزن والغم ، الذي يأخذ بالنفس فيضغط
عليها ضغطاً مؤلماً ، وهنا يأتي دور المؤمن في مساعدة أخيه في تنفيس كربة ،
فإذا كانت كربة أخيه من جهة فقره ، وحاجته ساعده حتى يسدَّ حاجته ، ويرفع
عنه ضرورته ، سواء أكان ذلك في ماله ، أم في سعيه الحسن ، وإن كانت كربة
أخيه بسبب حاجته إلى قرض حسن ليدفع ضرورة مُلحَّة أقرضه ، وإن كانت كربة
أخيه بسبب مصيبة حلَّت به واساه ، وساعده حتى تنفرج عنه الكربة ، وإن كانت
بسبب حاجته إلى شفاعة حسنة شفع له ، وإن كانت بسبب حاجته إلى زواج سعى
بتزويجه ، وإن كانت بسبب حاجته إلى عمل ، سعى في تهيئة العمل الملائم له ،
وإن كانت بسبب حاجته إلى تداوٍ من علة جسمية أو نفسية ، سعى له في العلاج
المناسب حتى يُنفِّس عنه كربته .. وقل مثل ذلك في التيسير والستر والمعونة .محبة الله أصل ، ومن فروعها
أن تنصف الناس جميعاً على اختلاف مللهم ونحلهم ، وأن ترحمهم ، وتُعينهم في
أمر دينهم ودنياهم ، لأن الخلق كلهم عيال الله ، وأحبهم إلى الله أنفعهم
لعياله ، والنبي صلى الله عليه وسلم ينفي عن الرجل انتماءه للإسلام إذا غش
كائناً من كان فقال : ((ليس منا من غش)) . [رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما عن أبي هريرة ]محبة الله أصل ، ومن فروعها أن ترفق بالمخلوقات جميعاً ، وأن ترحمهم ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ((لعن الله من مثَّل بالحيوان)) .
[رواه البخاري ومسلم ]ونهى
النبي صلى الله عليه وسلم أن يُقتل شيء من الدواب صبراً ، ونهى عن التحريش
بين البهائم ، وأن يتخذ شيء من الروح غرضاً ، أي هدفاً في الرمي ، روى
الإمام البخاري أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال : ((دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض)) .
وروي أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((غُفر لامرأة مرَّت بكلب على رأس بئر يلهث يكاد يقتله العطش فنزعت خُفَّها ، فأوثقته بخمارها ، فنزعت له من الماء فغُفر لها بذلك)) .
اللهم ألف بينهم ، ووحد كلمتهم واجمعهم على الحق والخير والهدى ، يا رب العالمين