سابحة لربها Admin
عدد المساهمات : 1084 تاريخ التسجيل : 14/06/2012 العمر : 64
| موضوع: ذم التعصبمِمَّا تتعرض لَهُ أمتنا الإسلامية الإثنين يناير 14, 2013 3:07 pm | |
| ذم التعصب إن مِمَّا تتعرض لَهُ أمتنا الإسلامية في ظل ظروفنا الراهنة - من ضعف وخور وتكالب أعداء وتمزق - محاولات لتغريب كل عناصر الوحدة الَّتي هي من أهم عناصر القوة وأساليب تحقيق المكنة لهذه الأمة ، ومن هذِهِ المحاولات - وإن لَمْ تكن جديدة – التعصب المذموم ، والتقليد الأعمى ، والذي هُوَ دخيل عَلَى أخلاق المسلم وَقَدْ يؤدي بصاحبه إلى العمى عن طريق الحق ، وتحكيم شرع الهوى عَلَى شرع الله والعياذ بالله . والتعصب أنواعه كثيرة جداً ، وفي كل مرحلة من مراحل تاريخنا السالف عدى العصور الثلاثة الخيرية الأولى كَانَ التعصب موجوداً وجوداً نسبياً ، يحمل سمات ذَلِكَ العصر ، فمن تعصب مذهبي فقهي في عصر برزت فِيهِ المذاهب الفقهية كأبرز سمات ذَلِكَ العصر ، إلى تعصب فكري برزت فِيهِ المذاهب الكلامية والفكرية ، إلى تعصب أممي أو قومي ، إلى غير ذَلِكَ . وكل تلك الحالات من التعصب أخذت نارها تخفت وتلتهب بَيْنَ آونة وأخرى ، تاركة نكبات عَلَى هذِهِ الأمة عَلَى حسب شدة تلك الفتن ، وفي عصرنا الراهن حيث برزت فِيهِ الأحزاب والتكتلات السياسية وربما هي أبرز مَا يميز هَذَا العصر ، فلم يزل عدو الله إبليس يحرش بين المسلمين ، ويوغر صدورهم ويوسوس لهم ويلقي في قلوبهم العداوة والبغضاء والحسد والتهاجر ؛ حتى وصلت الأمة الإسلامية إلى ما وصلت إليه من العداوة والاختلاف والتفرق شيعاً وأحزاباً ، وهذا مصداق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم )) ( رواه مسلم ) . وفي هذه الأيام برز نوع آخر من أنواع التعصب ، ألا وهو التعصب للأحزاب والجماعات ، وأخذت هذِهِ الظاهرة تطفو عَلَى السطح بشكل جلي ومقرف ، وأخذت النـزاعات بَيْنَ الأفراد والجماعات تصل حد الإقصاء للآخرين فمن مظلل ومبدع ومفسق ومكفر ، وكلها تصب في خانة واحدة هي خدمة أعداء الله وأعداء هَذَا الدين الحنيف ، حتى خرج كون هذه الأحزاب والجماعات وسائل حديثة للدعوة إلى وسائل للتنفير والفرقة وشق صف المسلمين ووحدتهم وإضعاف شكيمتهم ، وغدا التعصب لها ولأفكار رجالاتها ، لا تعصباً للحق ، وفي ذَلِكَ يقول الإمام الشافعي – رحمه الله - : (( وبالتقليد أغفل من أغفل مِنْهُمْ والله يغفر لنا ولهم )) ، فالمسلم همه الحق وبغيته رضا الله وسيره عَلَى منهج يحكمه الدليل لا الهوى ، أما التعصب للأشخاص أو الجماعات أو الأفكار أو الأحزاب ، فإنه لا محالة سيورد صاحبه التطرف بَيْنَ إفراط وتفريط ، والمؤمن مطالب أن ينتصف من نفسه للحق ، وكما قَالَ عمار بن ياسر رضي الله عَنْهُ : (( ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان : الإنصاف من نفسك ، وبذل السلام للعالم ، والإنفاق من الإقتار )) ( رواه البخاري معلقاً ) وعلى هَذَا كَانَ أصحاب رسول الله وقَّافين عِنْدَ كتاب الله وسنة نبيه ، وجمهور الأمة متفق عَلَى أن العصمة للرسول وللأمة في مجموعها وَمَا عدا ذَلِكَ فيؤخذ مِنْهُ ، ويرد بقدر قربه وبعده عن الحق ، وَمَا اختلف فِيهِ الأئمة والناس من بعدهم فمرجعه الكتاب والسنة ، لا آراء الرجال ومناهج الأحزاب ومصالحهم ، وإن إثبات خطأ الحزب أو المرجع الديني لا يعد قدحاً في نيته أو إخلاصه ، بل هو تصحيح لمنهج أو فكر أو فهم بشري لا يكاد يخلوا بشر من حاجته إليه ، وفي ذلك يقول الإمام أحمد : (( ومن يعْرى عن الخطأ والتصحيف )) ، ويقول الإمام مالك : (( كل يؤخذ منه ويرد ، إلا صاحب هذا القبر )) وأشار إلى قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وإن كان لا بد للمسلم إلا أن ينخرط في هذه الجماعات ، فعلى الأقل عليه أن لا ينسى أنها وسائل لا غايات ، وأنها نتاج بشري غير معصوم ، وأخذ المعترض بحسن الظن ، وأنه تكلم لتصحيح خطأ ما ، لا للانتقاص أو التشهير . فيا أمة الإسلام عوداً لما أصلح أول أمركم ، كتاب الله وسنة نبيه وفهم سلفنا الصالح ، وودعاً لكل ما يشق عصاكم مما لم يأت الدليل داعماً له ، ونبذاً لكل أنواع التعصب المذموم ، والذي قد يجر إلى ويلات لا يحمد عقباها ، وتذكروا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قاله في مقام تبيان فضله على هذه الأمة : (( ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي ، وكنتم متفرقين فجمعكم الله بي ، وعالة فأغناكم الله بي )) ( رواه البخاري ومسلم ) .
__________________
| |
|