سابحة لربها Admin
عدد المساهمات : 1084 تاريخ التسجيل : 14/06/2012 العمر : 64
| موضوع: أنقذي نفسك من النار الإثنين يناير 14, 2013 3:09 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله خالق الكون ومدبر أموره ( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ) والصلاة والسلام على سيد سادات العرب والعجم وإمام طيبة والحرم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد : فمن المعلوم أنَّ الإنسان قد خُلِقَ محدود العمر ، تتناوشه النـزعات والشهوات ، ضعيف الحول والقوة ، التبعات الملقاة على عاتقه ضخمة ثقيلة ، كيف وقد عُرضت على السماوات والأرض والجبال فأبينَّ أن يحملنها ، وأشفقن منها ، وحملها الإنسان ، ولأجل صون هذه الأمانة التي حملناها كانت هذه الوقفات التي سُطّرَت للتذكرة ( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ) فالذكرى نافعة لا محالة إن لم تنفع بالعاجل نفعت بالآجل : 1- الوقفة الأولى : قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة تلك العابدة الزاهدة : (( يا فاطمة بنت محمد : أنقذي نفسك من النار ، فإني لا أملك لك لا ضراً ولا نفعاً )) ( صحيح الجامع ) ، هكذا قال صلى الله عليه وسلم لابنته وقد كانت خير نساء العالمين ، وأنت أيها الأب الغيور : ماذا قُلتَ لابنتك ؟ ماذا قلت لها وهي تجلس إمام التلفاز ( الدش ) ، راجع نفسك ، ولا تكن كما قال الشاعر :
أنا الذي أغلقَ الأبوابَ مُجتهداً على المعاصي وعينُ اللهِ تَنظُرُهُ
وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم عليه الجنة )) . 2- الوقفة الثانية : تشيعُ اليوم في مجتمعاتنا ظاهرة : (( التعميم في إطلاق الحكم )) ، ومثال ذلك : أنَّ بعض الناس عندما يبلغه خبرٌ عن أمر خاطيء عن شخص ما فإنَّ ذلك السامع يُصدر حُكماً عاماً يشمل كل من انتسبَ إلى صاحب الخطأ من بعيد أو قريب ، بل وإذا تكلم عن أصحاب ذلك المخطيء وصمهم جميعاً بالخطأ ، وجعل تلك القضية الخاطئة قاسماً مشتركاً بين الجميع ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى : نرى صورة مباينة في حالة بلوغه خبراً عن أمر حسن فتجده يقصد المدح والثناء على ذلك الشخص وحده ، فالله الله في اللسان :
لسانك لا تذكر به عَورةَ امريء فكلكَ عوراتٌ وللناسِ ألسنُ
3- الوقفة الثالثة : تَصَيُّد الأخطاءِ : هناك بعض الناس لا عَملَ لهم سوى تصنيف الناس والبحث عن زلاتهم ، ومعلوم أنَّ كل من يعمل يُخطيء ، ولكن من لا يعمل لا يخطيء ، فهؤلاء – والعياذ بالله – ليس لهم عمل دعوي مُطلقاً ، وإنَّما عملهم الغيبة والتثبيط والوقوع في الأعراض ، قال الإمام الشعبي : (( لو أصبتُ تسعاً وتسعين ، وأخطأتُ واحدة ، لأخذوا الواحدة وتركوا التسعَ والتسعين )) . إنَّ هؤلاء وأمثالهم شبههم شيخ الإسلام بالذباب ، فقال – رحمه الله - : (( إنَّ بعض الناس لا تراه إلا مُنتقداً داءً ، يَنسى حسنات الطوائف والأجناس ويذكر مثالبهم ، فهو مثل الذباب يترك مواضع البرد والسلامة ، ويقع على الجرح والأذى ، وهذا من رداءة النفوس وفساد المزاج )) ولو تركَ هؤلاء النقد الهَدَّام ، وعملوا ولو قليلاً لكان خيراً لهم . 4- الوقفة الرابعة : الحرص على الأعمال التي يجري ثوابها إلى ما بعد الممات : إنَّ من عظم فضل الله تعالى على هذه الأمة القصيرة آجالها أنْ دَلَّها على أعمال يستمر ثوابها إلى ما بعد الممات ، قال صلى الله عليه وسلم : (( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة ، إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له )) . (أخرجه مسلم في الصحيح ) . فينبغي على الإنسان العاقل أن يستعد للرحيل في كل ساعة ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) . 5- الوقفة الخامسة : ينبغي على كل مسلم تذكر أول ليلة له في قبره ؛ فإنَّ ذلك مُعينٌ له على التخفف من الأوزار في هذه الدنيا ؟ قال الشاعر :
فارقتُ موضع مرقدي يوماً ففارقني السكون
القبرُ أولُ ليلةٍ بالله قل لي ما يكون ؟!
وكان الربيع بن خثيم يتجهز لتلك الليلة ، ويُروى أنَّه حفر في بيته حفرة ، فكان إذا وجد في قلبه قساوةً دخل فيها ، وكان يمثل نفسه أنَّه قد مات وندم وسأل الرجعة ، فيقول : ( رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ ) ، ثم يجيب نفسه فيقول : قد رجعت يا ربيع . 6- الوقفة السادسة : ومما ينفع المسلم في دُنياه وآخرته مُجالسةُ من يستعينُ بهم على فِعل الخير ؛ ليكونوا مُترجمين للمقالة المشهورة : (( اجلس بنا نؤمن ساعة )) فتذكر الآخرة يعين على الاستقامة . رويَ أنَّ أحدَ خُلفاء بني العباس بنى قصراً وزيَّنه ، وأعدَّ وليمةً كبيرة ، ودعا إليها أبا العتاهية ، وقال له : صِف لنا ما نحن فيه من النعيم ، فقال أبو العتاهية :
عِشْ ما بَدا لك سالماً في ظل شاهقةِ القُصور
فقال له الخليفة : أحسنت ، ثم ماذا ، فقال أبو العتاهية :
يُسعى عليك بما اشتهيت لدى الرواحِ وفي البُكور
فقال له الخليفة : أحسنت ، ثم ماذا ، فقال أبو العتاهية :
فإذا النفوسُ تقعقعت في ضيقِ حَشرجةِ الصدور
فهناك تعلمُ مُوقناً ما كُنتَ إلا في غرور فبكى الخليفة لهذه الموعظة ، فقال حاجبه لأبي العتاهية : أرسل إليك الخليفة لتسعده فأحزنته ، فقال الخليفة : دَعهُ ، فقد رآنا في عمًى فكَرِهَ أنْ يَزيدَنا عمى . 7 – الوقفة السابعة : والوقفة الأخيرة هي مع قوله تعالى : ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ ) فهذه البشارة الإلهية تَنصُّ على أنَّ زمام الأمور ومقاليدها سيكون من نصيب الصالحين وحدهم في نهاية المطاف ، وفي هذا باعث كبير للأمل في نفوس المسلمين ، لكي يعلموا أنَّ الليل مهما طال لا بد أن يَعقبه الفجر ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ) ، قال الشاعر :
أرى قميصاً يُعيدُ النورَ ثانيةً لعينِ يعقوبَ حقاً بعدما نَحبا أرى عصًا هزت الدنيا بما فعلت فرعون طاحَ بها والسحرُ قد نُكبا
إن في ذلك لعبرة لمن كان له قلب وألقى السمع أو أبصر . وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين . | |
|