سابحة لربها Admin
عدد المساهمات : 1084 تاريخ التسجيل : 14/06/2012 العمر : 64
| موضوع: سيذكر من يخشى الإثنين يناير 14, 2013 3:11 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على حبيبه المصطفى ، وعلى آله وصبحه ومن بهم اقتدى وبعد : فهذه تذكرة تنفعنا جميعاً في هذه الأيام التي كثرت فيها الحوادث والخطوب وتكالبت فيها الأمم على أمة الإسلام ، وهذا ما أخبرنا به الله تعالى في كتابه العزيز ( وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ) وتتضمن هذه الأسطر تذكرتان : 1 - التذكرة الأولى : حول الإشاعة وخطرها على المسلمين … الإشاعة : هي الخبر الذي يكون مصدره مجهولاً في أغلب الأحيان ، وهي سريعة الانتشار . والذي يستفيده المغرضون من بث الإشاعات هو : 1 – الشماتة : وذلك بأن يكون الدافع والمحرك لنشر الإشاعة وترويجها بين الناس إنما هو الشماتة بصاحبها والوقيعة فيه . 2 – الفضول : وهذا حال أغلب المروِّجين للإشاعات ، فتراه فضولياً يبحث عن ما لا يعنيه من أمور الناس . 3 – قتل أوقات مجالس المسلمين بذكرها : وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على خلو المجالس من ذكر الله والتواصي بالخير والمعروف . 4 – تشوية الصورة : وذلك يكون بالانتقاص من الشخص المُشاع عنه ، وتشويه صورته بالمجتمع لغاية في نفس المغرضين ، أعاذنا الله من ذلك كله . خطر الإشاعة : يَكمنُ خطر الإشاعة في أنَّها تزيد من تفرُّق المسلمين وتوقد نار الشحناء والبغضاء بينهم ، فينبغي الابتعاد عن هذا العمل ؛ لأنه يُبغض الله تعالى : ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ) فذكر سبحانه أنَّ هذا الصنف من الناس يتلقى أعظم الأمور وأخطرها بلا مبالاة ولا اهتمام ، فلسان يتلقى عن آخر بلا تدبر ولا فحص ولا إمعان ، حتى لكأن القول لا يمر على الآذان ، ولا تتملاه الرؤوس ، ولا تتدبره العقول ، فينطق اللسان بالإشاعة الباطلة من غير وعي ولا عقل ولا قلب . فعلى ناقل الإشاعة أن يتقي الله في نفسه ويراقبه في كل ما يقول ويفعل ، وعليه أن يتذكر أنَّه مُحاسب على كل كلمة يتكلم بها ، قال صلى الله عليه وسلم : (( رُبَّ كلمةٍ لا يُلقى لها بال تهوي بصاحبها سبعين خريفاً في النار )) . وقال تعالى : ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلاً ) . قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله عن هذه الآية الكريمة : (( هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق ، وأنَّه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين ، أو الخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر بل يردونه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى أولي الأمر منهم ، أهل الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها )) . طرق دحض الإشاعة : 1 – تذكير الناقل للإشاعة بالله وتحذيره من مَغَبَّة القول بلا علم . 2 – تذكير الناقل بالعاقبة المتحصلة إذا كانت الإشاعة كذباً . 3 – عدم التعجل في تقبل الإشاعة دون استفهام أو اعتراض . 4 – عدم ترديد الإشاعة ؛ لأن في ذلك انتشار لها . 5 – اقتفاء سير الإشاعة وتتبع مسارها ؛ للوصول إلى مُطلقيها ومحاسبتهم . 6 – إماتتها بالإعراض عنها ، قال الإمام مسلم صاحب الصحيح : (( إذ الإعراض عن القول المطّرح أحرى لإماتته وإخمال ذكر قائله ، وأجدر ألا يكون ذلك تنبيهاً للجُهَّال عليه )) . 7 – محاولة الرد على الإشاعة في الصحف إذا كانت ناشئة من الصحف . هذا وينبغي على الجميع حفظ الألسن عن اتهام البريء بما ليس فيه ؛ لأن ذلك يؤدي إلى تلوث الذمم والأخلاق . 2 – التذكرة الثانية : حول قوله صلى الله عليه وسلم : (( … وكونوا عباد الله إخواناً ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يكذبه ، ولا يحقره ، والتقوى هاهنا – ويشير إلى صدره ثلاث مرات – بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم الحرام : دمه وعرضه وماله )) . فهذا الحديث الشريف فيه القواعد العِظام التي تكون جامعة لقلوب المسلمين على الأُلفة والمودة . قال مجاهد : (( بلغني أنَّه إذا تراءى المتحابان ، فضحك أحدهما إلى الآخر وتصافحا تحاتت خطاياهما كما يُتحاتُّ الورق من الشجر ، فقيل له : إن هذا ليسيرٌ من العمل ، فقال : تقول يسيرٌ والله يقول : ( لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) . والمسلم أخو المسلم يَكُفُّ عنه الضر ، ويجلب إليه النفع . والتقوى محلها القلب ، وهي الميزان عنه الله تعالى ، وإذا كان أصل التقوى في القلوب فلا يطلع على حقيقتها إلا الله عز وجل ، وحينئذٍ فقد يكون كثير ممن له صورة حسنة ، أو مال ، أو جاه ، أو رياسة في الدنيا ، قلبه خراباً من التقوى ، ويكون من ليس له شيء من ذلك مملوءً من التقوى ، فيكون أكبر عند الله . قال محمد بن كعب القرظي في قوله تعالى : ( إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ) قال : تخفض رجالاً كانوا في الدنيا مُرتفعين ، وترفع رجالاً كانوا في الدنيا مخفوضين . وجاءت في خاتمة هذا الحديث الشريف القاعدة العظيمة : (( كل المسلم على المسلم حرام : دمه وعرضه وماله )) . وهذه القاعدة مما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بها في المجامع العظيمة ، فإنَّه خطب بها في حجة الوادع يوم النحر ، ويوم عرفة ، واليوم الثاني من أيام التشريق ، ولولا أهميتها لما كررها في أكثر من موضع . ختاماً : لقد تضمن هذا الحديث الشريف : أنَّ المسلم لا يَحلُ له إيصال الأذى إلى أخيه المسلم بوجه من الوجوه من قول أو فعل بغير حق ، وقد قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً ) . قال رجل لعمر بن عبد العزيز : اجعل كبير المسلمين عندك أباً ، وصغيرهم ابناً ، وأوسطهم أخاً ، فأي أولئك تحب أن تسيء إليه . ومن كلام يحيى بن معاذ الرازي : ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة : إن لم تنفعه فلا تضره ، وإن لم تُفرحه فلا تَغُمَّهُ ، وإن لم تمدحه فلا تذمه . وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين .
| |
|