نور الاسلام
أهلاً وسهلاً.... شرفتنا ..ونورتنا

أسعدنا تواجدك بيننا على أمل أن تستمتع وتستفيد


وننتظر مشاركاتك وتفاعلك فمرحباً بك بين إخوانك وأخواتك

ونسأل الله لك التوفيق والنجاح والتميز
نور الاسلام
أهلاً وسهلاً.... شرفتنا ..ونورتنا

أسعدنا تواجدك بيننا على أمل أن تستمتع وتستفيد


وننتظر مشاركاتك وتفاعلك فمرحباً بك بين إخوانك وأخواتك

ونسأل الله لك التوفيق والنجاح والتميز
نور الاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نور الاسلام

منتدى اسلامى يهتم بامور الدنيا وتعاليم الدين
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اترك عملاً بعد الموت

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سابحة لربها
Admin
سابحة لربها


عدد المساهمات : 1084
تاريخ التسجيل : 14/06/2012
العمر : 64

اترك عملاً بعد الموت Empty
مُساهمةموضوع: اترك عملاً بعد الموت   اترك عملاً بعد الموت Emptyالإثنين يناير 14, 2013 3:26 pm

اترك عملاً بعد الموت
اترك عملاً بعد الموت Ward
إِنَّ
الحَمْدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ
بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ
يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ -وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ-.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ? [آل عمران:102].
?يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا
وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا? [النساء:1].

?يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ
يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا? [
الأحزاب:70-71].

أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ
أَصْدَقَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ تعَالَى، وَخيرَ الهَدْيِ<الهَدْي:
السيرة والهيئة والطريقة.> هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم،
وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ
بِدْعَةٍ ضَلاَلَة.

أما بعد:
عباد
الله الإنسان بطبعه يحب الثناء الحسن، ويكره الذم، عمل أم لم يعمل، كان
أهلاً للثناء أو لم يكن أهلاً، فالعمل الحسن ممدوح، والعمل السيئ مذموم،
والناس جميعاً مهما عملوا من حسنٍ أو سيئ لا يرضون إلا المديح، ولا يحبون
إلا الثناء الحسن.

ولكن
قد يكون هذا في الدنيا، أن تراك على أمر طالح، وعمل سيئ، ولكن نظراً لجاهك
أو مالك فلا تسمع إلا المديح، ولكن بعد الموت تظهر النتيجة، فإما أن يُكرم
وإما أن يُهان.

فالناس
جميعاً يتفقون على أن العمل الصالح حسن، وعلى أن العمل السيئ قبيح، ولكن
قد يُحال بين المديح وبين الثناء منزل لبعض الخلق، ولذلك كان على العاقل
اللبيب أن يدخر لنفسه عملاً أو أعمالاً، يذكر بها بعد الموت، وأعني بهذا
العمل بعمل صالح ، إذ أن الصالح والطالح يتفقون جميعاً على حُسن الحَسن،
وعلى قُبح السيئ.

فلو
سألنا أقبح الخلق ولو سألنا أسوء الخلق أتحب القبيح؟ يقول لا. أتحب الحسن؟
يقول نعم. رغم أنه على قبيح، بل على قبائح من قول أو فعل.

ولذلك
كان لزاماً على العبد أن ينظر في نفسه لأعمال حتى يذكر بها بعد موته، ولو
تأملنا إلى نعم الدنيا قاطبة تدور على أمرين فقط، كل نعيم، كل لذة، كل قرة
عين في الدنيا تدور على أمرين:ـ

الأمر الأول:ـ المال.
والأمر الثاني:ـ العلم.
فمن
جمع بين المال وبين العلم فقد جمع الدنيا بحذافيرها، ولكن قد يتفقان، أعني
المال والعلم، وقد يفترقان، فإن اتفقا أي المال والعلم، فقد جمع العبد بين
خيري الدنيا والآخرة، وإن اختلافا فما نال من الدنيا إلا حظاً عَثِرَة،
سرعان ما يذوب، وسرعان ما يزول، قد يذكر به قبل موته، وقد يذكر به بعد
موته، ولكن بين يدي الملك على رُؤُوسِ الأشهاد يظهر من الصادق، من الممدوح
من المذموم، من كان على عمل صالح، ومن كان على عمل قبيح، ربما يتستر العبد
ويُؤَدِّي أعمالاً صالحة، ولكن قد تكون له خبيئة سوء، يحال بينه وبين إتقان
العمل فيهلك، لا أقول في الدنيا، قد يبيض وجهه ويرتفع اسمه، وترفع له
رايات وشارات، حتى بعد الموت، ثم بين يدي الملك يظهر الله عواره ويهتك
أستاره، ويظهر للخلق جميعاً أنه كان على حمار أعرج، ظن أنه فرس فلم انكشف
الغبار رأى الحقيقة.

أيها
الأحباب أسمعتم عن الأشقياء الثلاثة، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وعلى
آله وسلم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه مسلم " إِنَّ
أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ
فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ
فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ كَذَبْتَ
وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِىءٌ. فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ
بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِى النَّارِ وَرَجُلٌ
تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِىَ بِهِ
فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ
تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ. قَالَ
كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ. وَقَرَأْتَ
الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ. فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ
فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِى النَّارِ. وَرَجُلٌ وَسَّعَ
اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِىَ
بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ
مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أَنْفَقْتُ
فِيهَا لَكَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ.
فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِىَ
فِى النَّارِ ". < مسلم (1905), النسائي "سنن" (3137), أحمد "مسند" (322/2) >.

أول
ما تسعر بهم النار ثلاثة، عالمٌ ومجاهدٌ ومتصدقٌ، سبحان ربي!! عالم رفعت
له رايات وطنطن به بعض العباد، وكذلك مجاهد قاتل حتى قتل، وكذلك منفق، ماذا
بعد هذا؟! كيف تسعر بهم النار؟

قال
النبي صلى الله عليه وسلم يُؤْتَى بالعالم فيعرفه الله عز وجل نعمه، ماذا
عملت؟ فيقول يا ربي تعلمت فيك العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن.

فيقال له كذبت، سبحان ربي! لقد تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن وأُظْهِرَ به، بل كان له منه دلالات وعلامات.
كيف
كذب؟! والقائل من؟ القائل هو رب العزة سبحانه، كذبت إنما قرأت وتعلمت
ليقال قارئ ومتعلم، من أرض المحشر والناس يشرئبون برؤوسهم لينظرون لأحوال
هؤلاء الذين كانوا رؤوس خير، ينظرون إليهم فإذا هم يسحبون على وجوههم إلى
النار، العالم والذي قاتل عُرِّف بنعم الله عليه، فقال قاتلت حتى قتلت،
فكُذِّب لأن النية خبيثة.

والمنفق جيء به فعرفه الله نعمه، ماذا عمل؟ قال أنفقت فيك أناء الليل وأطراف النهار.
قال كذبت إنما أنفقت ليقال منفق، أمر بهم جميعاً فسحبوا على وجوههم في النار.
إذاً القضية ليس الأمر يصل عن حد الدنيا، من ثناء عابر أو من مديح ممزوج برِئاء، أو من مصلحة قربتها لأخر فعظم لك المديح.
لا، ما لك عند الله عز وجل؟ ما عملت من عمل لآبد أن يُختم بخاتم، يسمى بخاتم الإخلاص، أنك ما عملت إلا لله عز وجل.
قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- " لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِى
اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ
فِى الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِى بِهَا
وَيُعَلِّمُهَا ". < البخاري (7316), مسلم (816) عن عبد الله بن مسعود >.

لا
حسد إلا في اثنتين، قوام الحياة يدور على أمرين، فيهما المدح وفي دونهم
الذم، رجل أتاه الله مالاً، جمع بين المال فسلطه على هلكته في الحق، ما من
مال جُمع إلا وأهلك هذا المال في سبيل الله عز وجل، ما ترك بابا لله عز وجل
إلا وسَارع.

الصديق
في مجلس، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- " مَنْ أَصْبَحَ
مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا. قَالَ " فَمَنْ
تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا. قَالَ "
فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ
أَنَا. قَالَ " فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا ". قَالَ أَبُو
بَكْرٍ أَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- " مَا
اجْتَمَعْنَ فِى امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ". < مسلم (1028), عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه >.

قال النبي صلى الله عليه وسلم مرة من يجهز جيش العسرة؟.
قال عثمان أنا، فجهزه بأحماله وأقتابها
ما يترك باباً لله عز وجل يحب أن ينفق فيه إلا أنفق.
ورجل
أتاه الله الحكمة، والحكمة العلم الممزوج بالفهم، أي بالفقه والدين، فليس
مجرد العلم يكفي، لآبد أن يكون مع العلم دين يضبط هذا العلم ويأصله، هذا
الدين الذي يدفع العبد أن يعلم إن تكلم عن الله عز وجل لآبد أن يكون على
هدي، وعلى طريقة تختلف عن باقي الخلق.

أيها
الأحباب إن العبد بحاجة أن يجعل لنفسه أمر يذكر فيه بعد موته، وأعني بهذا
في الدنيا، وفي أرض المحشر، وحينما يمر على الصراط، وفي الجنة، أن يذكر
بأمر ما فعله إلا لله عز وجل، فإن وقع منه هذا كان هو، وهذا قد يتصوره
البعض صعب، بل هو بسيط ولكن الناس همم، بعض الناس همته أن يعيش خاملاً
ويموت خاملاً، وبعض الناس يحب أن يكون محمود الذكر, وينقسمون إلى قسمين،
قسم يحب الذكر العاجل أي في الدنيا والمديح، فهذا مذموم: {وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ
اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَام
}. [البقرة/204].

يجيد
الكلام ولكن لا يجيد الفعل، ونحن أمة حظنا من الدين العمل، لا الكلام، كل
من مضى أجاد الكلام فهلكوا، أما هذه الأمة هي أمة معطاءة، لا تحسن إلا
العمل لله عز وجل.

أيها
الأحباب فأعظم نعمة أن يجمع العبد مالاً من حلال، وأن يجمع مع المال
علماً، شرعياً مضبوطاً، والناس في أمر المال والعلم ينقسمون إلى أربعة
أصناف، فقد روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الأَنْمَارِيِّ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَثَلُ هَذِهِ
الأُمَّةِ مَثَلُ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً
وَعِلْمًا ، فَهُوَ يَعْمَلُ بِهِ فِي مَالِهِ يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ،
وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يُؤْتِهِ مَالاً، فَهُوَ يَقُولُ:
لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ مَالِ هَذَا، عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي
يَعْمَلُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
فَهُمَا فِي الأَجْرِ سَوَاءٌ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً وَلَمْ
يُؤْتِهِ عِلْمًا، فَهُوَ يَخْبِطُ فِيهِ يُنْفِقُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ،
وَرَجُلٌ لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ مَالاً وَلاَ عِلْمًا، فَهُوَ يَقُولُ:
لَوْ كَانَ لِي مَالٌ مِثْلُ هَذَا، عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي
يَعْمَلُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
فَهُمَا فِي الْوِزْرِ سَوَاءٌ. < ابن ماجة (4228), أحمد "مسند" (230/4) >.

إنما
الدنيا لأربعة نفر، أي لأربعة أصناف من الخلق، لا خامس لها، رجل أتاه الله
مالاً وعلماً، وهذا نادر جداً، ومن تأمل في سير الأنبياء يرى أن غالب
الأنبياء ما أتوا إلا العلم، ومن جمع بين العلم والدنيا قليل، كسليمان
وداود ويوسف عليهم السلام، أما غالب الأنبياء فما جمعوا إلا الآخرة، وهذا
ينبئك على عِظَم الثقل، وعلى عظيم المؤونة، رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً
وَعِلْمًا ، فَهُوَ يَعْمَلُ بِهِ فِي مَالِهِ يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ،
ويتقي فيه ربه ويصل به رحمه، فهو بأعلى المنازل، طوع الدنيا للآخرة، لا حظ
له فيها إلا أن يجعلها مطية مركب يركب عليها يَدُوسُ عليها بالقدم، حتى يصل
إلى جنة عرضها السماوات والأرض، ما حملها فوق رأسه، غالب الناس حامل
ومحمول، حامل يحمل الدنيا هو على رأسه، وبعض الناس مُحمول الدنيا تحمله إلى
جنة عرضها السماوات والأرض، فهو يتقي فيها ربه، ويصل بها رحمه فهو بأعلى
المنازل.

والصنف
الثاني هو الغالب على الفضلاء وعلى صالح الخلق والعباد، رَجُلٌ آتَاهُ
اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يُؤْتِهِ مَالاً، ولكن لعلمه بما عند الله عز وجل
من خير وفضل، كلما رأى من الصنف الأول بذل، أو رأى منه عطية، قال لو كان لي
مثل فلان، أي هذا الذي ينفق، بعلم وإتقان كيف يضع المال في موضعه، لا
يخرمه مرة، كلما أخذ بعلم، وكلما وضع بعلم.

ومن
طريف ما وقع، ما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه
- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ " قَالَ رَجُلٌ
لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ . فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِى يَدِ
سَارِقٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ . فَقَالَ
اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ . فَخَرَجَ
بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِى يَدَىْ زَانِيَةٍ ، فَأَصْبَحُوا
يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ . فَقَالَ
اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ ، لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ .
فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِى يَدَىْ غَنِىٍّ فَأَصْبَحُوا
يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى غَنِىٍّ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ
، عَلَى سَارِقٍ وَعَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِىٍّ . فَأُتِىَ فَقِيلَ
لَهُ أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ
سَرِقَتِهِ ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ
زِنَاهَا ، وَأَمَّا الْغَنِىُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا
أَعْطَاهُ اللَّهُ ". < البخاري (1421), مسلم (1022) >.

وكان
هذا الرجل من صلحاء من مضى من الأمم الماضية، قال لأتصدقن وكان هذا من
الليل ما كان بالنهار، ما قال حتى يراني أحد، لأتصدقن الليلة بصدقة، أراد
أن يخفي الأمر حتى لا يراه أحد، فخرج من الليل فرأى رجلاً فوضع في يده
صدقته، فإذا بهذا الرجل غني، قام من الصباح وقال ألا أُنْبِأُكُمْ ألا
أخبركم رجل تصدق علىّ من الليل وأنا غني، فأصبح الناس يتحدثون، بلغه الخبر،
وُضِعَت في غير ما أراد، عنده علم وعند دين وأراد أن يخفي المسألة، والأصل
في الصدقات الإخفاء، والأصل في الزكوات الإظهار.

فقال
الحمد الله وضعتها في يد غني على غني، ثم أراد أن يعيد الكرة، فجاء في
الليلة القابلة وقال لأتصدقن الليلة بصدقة فخرج من الليل فدار فإذا هو برجل
أخر، فوضع في يده الصدقة، فإذا بالرجل سارق، فلما كان من الصباح قال يا
قوم تصدق علىّ بصدقة، فأصبح الناس يتحدثون تصدق الليلة على سارق، بلغه
الخبر فعظم أسفه، واشتد أَلَمُه، قال هذه الليلة أيضاً على سارق.

فأراد
أن يغير الطريق، فقال لأتصدقن الليلة بصدقة، ترك الرجال فإذا هو بامرأة
فوضع في يدها صدقة، فإذا بها زانية، جاءت في الصباح وقالت تصدق علىّ الليلة
بصدقة، فأصبح الناس يتحدثون تصدق الليلة على زانية، بلغه الخبر فكاد أن
يموت كمداً، ما وضعها في موضعها.

فإذا
بالله عز وجل يُعظم له الأجر، ويعطيه البشارة في الدنيا قبل الآخرة، فأرسل
إليه ملك قال أما صدقتك قد قبلت، الأولي والثانية والثالثة.

من
تعامل مع الله عز وجل بعلم وفقه، ما ضل أبداً، كل خطاه كل ممشاه أجر عظيم،
أما سمعتم أن من سبق من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بينهم وبين من
بعدهم كما بين السماء والأرض، وكلهم أصحاب، لما وقع خلاف بين صحابيين،
صحابي سابق تشاجر مع صحابي أخر، خلاف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم
للمتأخر: " فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ اَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ
أُحُدٍ ذَهَباً مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ ". < أبو داود (4658) عَنْ أَبِى سَعِيدٍ
رضي الله عنه >.
ما بلغ مد أحدهم أي بملئ كفيه شعير أو تمر أو بر، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه.
من
تعامل مع الله عز وجل بعلم وعقل عن الله ما ضل أبداً، أما الغني فلعله
ينفق، حينما يرى أن هناك من يتصدق ومن يعطي، بخلاف من يرى أن الأمور
غُلِّقَت، وأن من أراد خيراً ليس له إلا الجبال، ليأكل من السباع.

ولذلك الأول والثاني الساق لعله يتوب، والزانية لعلها أن تقلع وتعود إلى الله عز وجل.
فالصنف
الثاني من أهل الدنيا ممن ملكوها رجل أتاه الله علماً ولم يؤتيه مالاً،
فيقول لو أن لي مثل فلان كالأول لعملت بعمله، فهو بنيته فهما في الأجر
سواء.

والثالث رجل
أتاه الله مالاً، لا حظ له إلا الدنيا، ما علم من أين يؤتى المال، ولا
فيما ينفق، لا هم إلا أن يكون له منزل بين الناس، مكانة بين الناس فقط،
عندها ما علم عن الله شيئاً فهو لا يتقي فيه ربه ولا يصل به رحمه، فهو
بأخبث المنازل.

والرابع وهو غالب الهمج، غالب الرعاع أتباع من قال: {يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}. [القصص/79].
رجل
لم يؤتيه الله مالاً ولم يؤتيه علماً، جاهل بالدنيا والآخرة مفلس، فيقول
لو أن لي مثل فلان، لا الأول ولا الثاني ولكن الثالث، الذي معه المال بلا
علم، الذي أفسد الدنيا بالحرث والنسل بلا علم، يراه مفسداً فيتمنى أن يكون
مثيله، ويتمنى أن يكون قرينه، لو أن لي مثل فلان لعملت بعمله، فهو بنيته
فهما في الوزر سوء.

أيها
الحبيب ألا تحب أن يكون لك ثناء حسن بعد موتك، عالم يسمى بأبي حمزة
السكري، رَوَى: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ
الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، قَالَ:

أَرَادَ جَارٌ لأَبِي حَمْزَةَ السُّكَّرِيِّ أَنْ يَبِيْعَ دَارَهُ، فَقِيْلَ لَهُ: بِكَمْ؟
قَالَ: بِأَلْفَيْنِ ثَمَنُ الدَّارِ، وَبِأَلْفَيْنِ جِوَارُ أَبِي حَمْزَةَ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا حَمْزَةَ، فَوَجَّه إِلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ، وَقَالَ: لاَ تَبِعْ دَارَك. < سير أعلام النبلاء "الذهبي" (387/7) ترجمة أَبِي حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ >.
الثناء
الحسن أن يُذكر العبد أنه كان تقياً، ما بات في صدره غش ولا غل لأحد قط،
أن يُذكر أنه كان آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، أن يُذكر بقربه من
الله عز وجل، أن يُذكر أنه ما تخلَّف مرة عن تكبيرة الإحرام، أو كان
ملازماً للدخول أول داخلاً للمسجد، أن يكون محافظاً على الصلوات، أن يكون
قارئ لكتاب الله عز وجل، ذِكر حسن.

أما
من طنطن له بمنصب، بجاه بمال بدنيا، فإن الناس جميعاً سرعان ما ينسون هذا،
كم مِنْ مَنْ مضى جمعوا الدنيا؟! ما ذكر منهم إلا الأشرار، وما ذكر على
نقيض هذا إلا الأبرار، ممن كان صفر اليدين، تأملوا من ذُكر في القرآن من
الأنبياء، ومن صالح الأمم، وما ذُكر في السير من الأفاضل الأخيار، ممن
تعلموا علماً ونشروا فضلاً، وممن ربطوا الدنيا بالآخرة، أما من أهل الجد
وأهل الدنيا فما ذكر إلا الأشرار، قال عز وجل داعياً على بعضهم: {كَمْ
تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26)
وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا
قَوْمًا آخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ
وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)
}. [الدخان/29/28/27/26/25].

قيل بأن السماء والأرض تبكي، ولكن على الفضلاء، على صالح الخلق والعباد، أما هؤلاء التافهون فلا أثر لهم في الدنيا ولا الآخرة.
إياك
أن تكون خاملاً، إياك ألا تتحرك بأمر الله عز وجل، إياك ألا تكون من أمر
الصيام، من أهل الصلاة من أهل القيام، من الطاعات، من أهل القربات، إياك
إياك أن تتغافل حتى يأتيك الموت، قد تموت خامل الذكر، ولكن بين يدي الله عز
وجل مسألة عظيمة: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)}. [الحجر/93/92].

والسؤالُ عباد الله، السؤالُ من الملك للعبدِ الفقير الحقير، سيسأله على مثاقيل الذر: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (Cool}. [الزلزلة/8/7].
عودوا إلى ربكم واستغفروه.................
الخطبة الثانية
اترك عملاً بعد الموت Ward
الحمد
لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمد عبده ورسوله..

عباد
الله إن أعظم نعم الدنيا على الإطلاق العلم والمال، وأعني بالعلم علم
الآخرة، إذ علم الدنيا ممدوح، إذ هو من الدنيا إن كان في طاعة الله عز وجل،
أما العلم الباقي الذي يدوم معك، ويضبط لك علوم الدنيا، ومال الدنيا،
ويضبط سيرك في الدنيا، هو علم الكتاب والسنة.

فالعلم
أعظم نعمة وأجل منة، والسعيد من ضبط أمره، ونال حظه على قدر جهده وطاقته،
فالعلم كالوادي العظيم كلٌ ينال منه حظ، حتى ولو قطرة، إياك أن تخرج من
الدنيا بلا علم، العلم يرفع الوضيع فيعطيه شرفاً، ويزيد الشريف فيكون من
أشرف الشرفاء، فإن فقده فهو من أوضع الوضعاء.

العلم
هو الذي يعطيك منزلاً عند الرب، لا عند الخلق، وأعني بالعلم الحكمة، العلم
المضبوط، بالكتاب والسنة، مع دين قوي يضبط لك العلم، وينزله منازله، كما
قال عز وجل: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)}. [آل عمران/79].

فالعالم الرباني هو الذي يربي نفسه، ويربي غيره بصغار العلم قبل كباره.
عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ". < البخاري (5027) >.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وكان ضريراً: فَذَلِكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي هَذَا المَقْعَدَ.
وعَنْ
عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَعَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي
أَيُّوْبَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عِيْسَى: أَنَّهُم قَرَؤُوْا عَلَى أَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ
قَرَأَ عَلَى عُثْمَانَ عَامَّةَ القُرْآنِ، وَكَانَ يَسْأَلُهُ عَنِ
القُرْآنِ، فَيَقُوْلُ: إِنَّكَ تَشْغَلُنِي عَنْ أَمْرِ النَّاسِ،
فَعَلَيْكَ بِزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، فَإِنَّهُ يَجْلِسُ لِلنَّاسِ،
وَيَتَفَرَّغُ لَهُم، وَلَسْتُ أُخَالِفُهُ فِي شَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ.

قَالَ: وَكُنْتُ أَلْقَى عَلِيّاً، فَأَسْأَلُهُ، فَيُخْبِرُنِي، وَيَقُوْلُ: عَلَيْكَ بِزَيْدٍ.
فَأَقْبَلْتُ عَلَى زَيْدٍ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ القُرْآنَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ مَرَّةً.
وَقَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ: كَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ يُقْرِئُ
النَّاسَ فِي المَسْجِدِ الأَعْظَمِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً. < سير أعلام النبلاء "الذهبي"(271/270/4) بتصرُّف يسير >.

من
الآن يريد أن يتعلم القرآن، لا لأن يكون حسن الصوت، مجيد القراءة، يتغنى
به، ولكن أراد أن يتعلم القرآن لينال الشرف، "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ
القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ".

من
تواضع وتنازل ليعلم القرآن، القرآن الآن لا يعلم إلا بأجر، وقد نهى
العلماء عن ذلك، حينما جاء ابن مسعود رضي الله عنه، وكان يعلم أهل الصفة،
فأعطاه بعضهم شراك أي نعل، فأخذه هدية، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه
وسلم فقال: نعل من نار أو شراك من نار.

وإن
قال العلماء بجواز أخذ الأجر، لإفلاس الأمة في حفظ كتاب الله عز وجل،
حينما لا يوجد من يعلم محتسباً، وإن علم محتسباً لا يجد القوت الذي يأكله،
فلن يُعَلِّم القرآن ولن يُعَلَّم القرآن، حينما كان معلم القرآن في أعلى
المنازل، وفي أعلى الدرجات، أعلى الله ذكرهم في الدنيا والآخرة، فجلس يعلم
القرآن يُقْرِئُ النَّاسَ فِي المَسْجِدِ الأَعْظَمِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً،
حتى منعه الحجاج بن يوسف الأمير الظالم.

أيها الأحباب العلم يعلى القدر، يقول القاضي أبو يوسف: كنت فقيراً، مات أبي وأنا صغير، فأرسلتني أمي إلى قَصَّارٍ رجل يصنع الثياب.
قال فكنت أمر بحلقة أبي حنيفة فأتعلم، وأغيب عن معلمي القصار، الذي يعلمه الصنعة.
قال ففطنت لي أمي، وكان يعطيني في كل يوم نصف أو ربع درهم، ما يعادل دانق أو دون هذا. ففطنت أمي فجاءت لأبي حنيفة في المجلس.
وقالت: يا هذا ما لي إلا هذا الولد، فقد أفسده علىّ، دعه يذهب إلى القَصَّار حتى يعطيني في كل يوم دانق، فابتسم أبو حنيفة رحمه الله.
وقال يا هنية والله إن جلوس ولدك هذا المجلس، سيجعله يأكل الفالوذج، نوع من الحلوى نادر الوجود لا يأكله إلا الملوك.
فقالت له أي لأبي حنيفة أنت مجنون، وأرادت أن تأخذ بولدها.
فقال أبو حنيفة: سأعطيك أنا الدانق في كل يوم وتتركي الولد.
صار
القاضي أبو يوسف من أعلم الناس، تولى القضاء في خلافة المهدي، ثم صار
علماً في خلافة الرشيد، ما من معضلة ولا مسألة عند الرشيد إلا وحلها عند
القاضي أبي يوسف.

فجلس مرة وأمام الرشيد طعام.
فقال: اقترب يا أبا يوسف، فمد يده فإذا هو بطعام غريب.
فقال: ما هذا يا أمير المؤمنين؟.
قال: هذا فالوذج، طعام يَأْتِينَا بين الحين والأخر، فضحك أبو يوسف بين يدي أمير المؤمنين حتى كاد أن يسقط.
فقال: له ما الذي أضحكك يا أبا يوسف؟.
فقال: لا شئ يا أمير المؤمنين.
قال: والله لتخبرني.
فقص عليه قصته مع أبي حنيفة ومع أمه.
العلم
يعلي القدر، ويجعل العلماء في منازل الملوك، حينما يكون العالم رباني،
يعلي الله عز وجل ذكره، ويُعظم قدره، ولذلك العلم أودية، والعالم كمثل
النخلة كلها خير.

المال
يضبط العلم، والعلم يضبط المال، فعلم بلا مال لا يكفي، فإن العالم إن نزلت
نفسه، وامتهن عرضه فلا علم، ومن ثم كان العالم بحاجة إلى التقشف، قدر
المستطاع، أن يعيش مرة على الحلو، ومرة على المر، وأن يعلم أن ماء الوجه
أغلى من الدنيا وما فيها، أن يبيت طاويا بلا طعام، وأبنائه بلا ثياب، أيام
طوال ولا يشعر به أحد، هذا هو العلم، لآن العالم لآبد أن يكون عزيز النفس،
فإن تدنت نفسه هلك.

أبو
هريرة رضي الله عنه كان يقول وكان من أهل الصفة، وكان من قبيلة من دوس،
وآثر البقاء مع أهل الصفة لصحبة النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقول: كان
يصيبوني الجوع، فيمر الأسبوع تمر سبعة أيام بلا طعام، حتى يقول كنت أسقط
عند منبر سول الله صلى الله عليه وسلم، مَصْرُوعاً من شدة الجوع، فيجئ
الجائي فيظن أن بي صرع، فيضع قدمه على رقبتي أو على رأسي، ظناً أنيمَصْرُوع، ووالله ما بي إلا الجوع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سابحة لربها
Admin
سابحة لربها


عدد المساهمات : 1084
تاريخ التسجيل : 14/06/2012
العمر : 64

اترك عملاً بعد الموت Empty
مُساهمةموضوع: رد: اترك عملاً بعد الموت   اترك عملاً بعد الموت Emptyالإثنين يناير 14, 2013 3:27 pm

قال أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ
كَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافَ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ يَأْوُونَ عَلَى
أَهْلٍ وَلاَ مَالٍ وَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنْ كُنْتُ
لأَعْتَمِدُ بِكَبِدِى عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ وَأَشُدُّ الْحَجَرَ
عَلَى بَطْنِى مِنَ الْجُوعِ وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ
الَّذِى يَخْرُجُونَ فِيهِ فَمَرَّ بِى أَبُو بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ
آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِيَسْتَتْبِعَنِى [أكل
كسرت خبز، كانوا يطلبون من الطعام الكِسَر، شربة لبن تمرات، الأمة الآن
فتحت عليها الدنيا بحذافيرها، وعلى الرغم من هذا لا قانع فيها قط، المُقل
والمُستكثر يشتكون، الكل يشتكي، كان يطلب كِسْرَة خبز، قال فعرضت بالصديق
فسألته سؤالاً، ووالله إني لأعلم به، أعرفه تماماً، فأجابني على ما عندي ثم
انصرف]

فَمَرَّ
وَلَمْ يَفْعَلْ ثُمَّ مَرَّ بِى عُمَرُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ
كِتَابِ اللَّهِ مَا أَسْأَلُهُ إِلاَّ لِيَسْتَتْبِعَنِى فَمَرَّ وَلَمْ
يَفْعَلْ ثُمَّ مَرَّ بي أَبُو الْقَاسِمِ -صلى الله عليه وسلم-
فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِى وَقَالَ « أَبَا هُرَيْرَةَ ». قُلْتُ لَبَّيْكَ
يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « الْحَقْ ». وَمَضَى فَاتَّبَعْتُهُ وَدَخَلَ
مَنْزِلَهُ فَاسْتَأْذَنْتُ فَأَذِنَ لِى فَوَجَدَ قَدَحًا مِنْ لَبَنٍ
فَقَالَ « مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ لَكُمْ ». قِيلَ أَهْدَاهُ لَنَا
فُلاَنٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَبَا هُرَيْرَةَ
». قُلْتُ لَبَّيْكَ. فَقَالَ « الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ
فَادْعُهُمْ ». وَهُمْ أَضْيَافُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ يَأْوُونَ عَلَى
أَهْلٍ وَلاَ مَالٍ إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ
وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ
إِلَيْهِمْ فَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا فَسَاءَنِى ذَلِكَ
وَقُلْتُ مَا هَذَا الْقَدَحُ بَيْنَ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَأَنَا رَسُولُهُ
إِلَيْهِمْ فَسَيَأْمُرُنِى أَنْ أُدِيرَهُ عَلَيْهِمْ فَمَا عَسَى أَنْ
يُصِيبَنِى مِنْهُ وَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُصِيبَ مِنْهُ مَا
يُغْنِينِى وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ
فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ فَأَخَذُوا
مَجَالِسَهُمْ فَقَالَ « أَبَا هُرَيْرَةَ خُذِ الْقَدَحَ وَأَعْطِهِمْ ».
فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُنَاوِلُهُ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى
يُرْوَى ثُمَّ يَرُدُّهُ فَأُنَاوِلُهُ الآخَرَ حَتَّى انْتَهَيْتُ بِهِ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ رَوِىَ الْقَوْمُ
كُلُّهُمْ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْقَدَحَ
فَوَضَعَهُ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ «
أَبَا هُرَيْرَةَ اشْرَبْ ». فَشَرِبْتُ ثُمَّ قَالَ « اشْرَبْ ». فَلَمْ
أَزَلْ أَشْرَبُ وَيَقُولُ « اشْرَبْ ». حَتَّى قُلْتُ وَالَّذِى بَعَثَكَ
بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَحَمِدَ اللَّهَ
وَسَمَّى ثُمَّ شَرِبَ. < الترمذي (2477) ما بين معقوفين [ــ] زيادة تفصيل من الشيخ >.

أيها
الأحباب التعامل مع الله عز وجل يختلف تماماً عن التعامل مع الخلق، احفظ
هذه الكلمات، علَّمها النبي صلى الله عليه وسلم صحابي دون الخامسة عشر،
قَالَ: « يَا غُلاَمُ إِنِّى أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ [احفظوا هذه الكلمات]
احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا
سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ [والله الذي لا إله غيره لو سألنا الله بصدق ما
خالفك في قليل أو كثير، ولكن الغالب منا كذاب، يقول يا رب وقلبه معلق بغير
الله] وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ
الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَىْءٍ لَمْ
يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ [لو كل الخلق
اجتمعوا على مضرتك أو نفعك، لن يكون هذا إلا بإذن الملك، الذي خلقك فسواك
فعدلك، وعظم لك الصورة، وجمل لك الهيئة، وأسبغ عليك النعم ظاهرة وباطنة، ثم
تميل لغيره، يُطعم الطير في السماء، والوحوش في البراري، والحيتان في
البحار، أطعمك وأنت ضعيف في بطن أمك، غذاك تسعة أشهر، بلا حول منك ولا قوة،
ثم سخر لك أم كلما قلت آه قربت لك الطعام، بمجرد صيحة] وَلَوِ اجْتَمَعُوا
عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَىْءٍ قَدْ
كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ ». <
الترمذي "سنن" (2516) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ
اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا فذكره, ما بين معقوفين [ــ] زيادة
تفصيل من الشيخ >.

ما
الذي يعطلك؟ ما الذي يشغلك؟ رزقك مضمون من الملك، حياتك مؤقتة عند الملك،
أمرك بأوامر بسيطة، ونهاك عن نواهي بسيطة، فيما أمر نفعك كله، وفيما نهى
ضُرك كله.

فما الذي عطلك عنه؟ وما الذي أشغلك عن السير إليه؟ قرب قلبك للملك، قرب قلبك لله عز وجل، سترى عظيم الآيات في الدنيا والآخرة.
الإمام أحمد حُبس، جُلد ضُرب، يوم أن مات قيل من أعظم جنائز التاريخ.
ومات شيخ الإسلام ابن تيمية في السجن، بلغ الخبر كل الناس، وكانت جنازة ما رُئِيَ مثلها قط بعد جنازة أحمد.
أين
منزلك دنيا تشغلك تافهة، عطلتك وأقعدتك، لا أقول لك لا تنشغل بها، ولكن
اجعلها مطية، اجعلها معبر، اجعلها سبب في رضا الله عز وجل، ووالله لو رضينا
عن الله لرضيَ عنا وأرضانا بالقليل.

اللهم اجعل التقوى في قلوبنا.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا.
وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان.
اللهم إنا نسألك الجنة وما يقرب إليها من قول أو عمل.
ونعوذ بك من النار وما يقرب إليها من قول أو عمل.
وأقم الصلاة..........
تقبل الله من شيخنا وبارك فيه وانفعنا بعلمه اللهم آمين آمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اترك عملاً بعد الموت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اترك محرما تنل خيرا
» لن أخاف من الموت بعد ذلك
»  ما أثارك بعد الموت ؟
» ماذا قالو وهم على فراش الموت

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نور الاسلام :: المنتدى العام والحوارات :: المنتدى العام :: وعظ وارشاد-
انتقل الى: