سابحة لربها Admin
عدد المساهمات : 1084 تاريخ التسجيل : 14/06/2012 العمر : 64
| موضوع: دورة أخــلاق حملة القرآن (كتابيه ) الثلاثاء أبريل 30, 2013 2:23 pm | |
|
[size=25]لماذا هذه الدورة ؟؟ [/size]
[size=25]من أهداف الدورة : [/size]
[size=25]1-النصيحة لكتاب الله : [/size]
[size=25]قال صلى الله عليه وسلم : " الدين النصيحة ، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال : لله و لكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامتهم " رواه مسلم . [/size]
[size=25]فمن النصيحة لكتاب الله أن نتعلم و ننشر آداب حملة القرآن و أخلاق حملة القرآن و ننبه أهل القرآن لهذه الآداب .. قال ابن المبارك رحمه الله : [ لا ينبل الرجل بنوعٍ من العلم ما لم يُزيّن علمه بالأدب ]. [/size]
[size=25]فأهل العلم أجمعوا بلا استثناء أن الأدب مُقدّم على العلم ، ويجب على طالب العلم أن يتأدب قبل أن يتعلم .. أي أدب النفس ثم أدب الدرس.. تأملي قصة موسى عليه السلام مع الخضر قال تعالى :{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا } سورة الكهف(65) قَدّم الرحمة على العلم ، الرحمة ما هي؟ صفة ، خُلق ، أدب يتأدب به الإنسان . [/size]
[size=25]مالذي نستفيده من تقديم الرحمة على العلم ؟ [/size]
[size=25]إذا أردت أن تتعلم فابدأ بتهذيب نفسك وبتأديبها أولاً لأن [من كَمُلَ أدبُه في الطلب كمُل تحصيله في العلم ] [/size]
[size=25]خرج أحد الأئمة على طلابه فصدر منهم مالا يرضيه عنهم ، قال لهم : [ أنتم إلى يسير من الأدب أحوج منكم إلى كثير من العلم ] نضرة النعيم – الأدب- فالعلم بدون أدب قد يكون وبالاً على صاحبه . [/size]
[size=25]إذاً هناك صلة وثيقة بين العلم و الأدب ، كلما تَحلّى الطالب بهذه الآداب ازداد أخذه للعلم و تسلل العلم إلى قلبه تسللاً خفيّاً ( و هذا سنوضحه في اللقاء الأخير من هذه الدورة بإذن الله ) . [/size]
[size=25]2- الاتصاف بوصف الربانية : [/size]
[size=25]قال تعالى:{ ولٰكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ}سورة آل عمران79 [/size]
[size=25]قال ابن عباس رضي الله عنهما: [ الرباني هو الذي يُربى الناس بصغار العلم قبل كِباره ] [/size]
[size=25] إذاً الرباني هو المعلم الذي جمع مع العلم تربية ، ليس مجرد معلم يُعطي معلومات فقط و إنما هو من جمع مع العلم سمتاً ، و قاراً و تعاملاً وعملاً بعلمه و أدباً و خلقاً يربي به طلابه . الإمام أحمد رحمه الله كان يحضر في حلقته 5000 طالب ما يُقارب من 500 طالب كانوا يكتبون العلم و يقيدونه و البقية يحضرون حتى يستفيدوا من خُلق الشيخ و تعامله و أدبه و هديه و سعة صدره و تحمّله للسائلين فكانوا يتربون من خلق الشيخ و سمته . ابن وارى رحمه الله -هو شيخ الإمام أحمد و البخاري و ربى كثير من طلاب العلم -جاء في ترجمته : أنه كان كثير الصمت و حسن السمت ، و الصمت من صفات العقلاء ، كان قويّ الشخصية مات و لم يقهقه قط ، طلابه كانوا يستفيدون من ثقل شخصيته و هيبته و قلة كلامه و دعابته . أحد تلاميذ ابن الجوزي يقول :[ استفدت من بكائه و خُلقه أكثر مما استفدت من علمه ] هذه نماذج ذكرناها لنفهم معنى الرباني ، و للأسف نحن اليوم فقدنا مثل هذا الصنف من المربين نعم طلاب العلم كثير حفظة القرآن كثير مدرسات القرآن كثير و لكن المربين الربانيين قلة { وَقَلِيلٌ مَا هُمْ } سورة ص(24) ، و دائماً الصفوة من الخلق قلة يكاد ينطبق عليهم قول النبي صلى الله عليه و سلم :" إنما الناس كالإبل المئة لا تكاد تجد فيهم راحلة " البخاري ،الإبل نوعان : 1- إبل حمولة ، 2- إبل راحلة الحمولة : التي يحمل عليها المتاع ، و الراحلة : هي الإبل النجيبة تنفع للمتاع والركوب و السفر و تقطع المفاوز و المسافات و الصحاري .. ما أردت قوله أن هناك فرق كبير بين أن تكوني مجرد معلمة تعطي علم نظري و مهارات و صفات و غُنن و مستويات تجويد ، و بين أن تكوني معلمة ربانية تربي الناس بالعلم و يجعلك الله هداية لغيرك نافعة لغيركِ . هذه هي الربانية ، هذه هي بركة الأعمار و كأن الزمان طُوي لهذا العبد فحصّل أكثر مما عمل ، لأنه يأخذ أجره و أجر كل من استفاد منه ، من علمه و سمته و أخلاقه و أدبه و هيئته ، ولا تتوقعي أن هذه الربانية تأتي من فراغ أو أنك ستحصلي عليها لمجرد دراستك البكالوريوس أو مستويات التجويد و إعداد معلمات الدبلوم أبداً، بل تأتي بعد إصلاح و تربية ومرابطة و مجاهدة ، ووعي و جَلَد و صبر وقصر نفسك على هذه الآداب قصراً .
لأنه لا يمكن أن نقيم التقوى في قلوب من حولنا إذا لم نقمها في نفوسنا أولاً لا يمكن أن نورث الآداب و الأخلاق إذا لم نتمرس عليها نحن أولاً ففاقد الشيء لا يُعطيه و كما يُقال [ لا يستقيم الظل و العود أعوج ]
الظل هم طالباتك و العود هو الأصل هو أنت ِ و من أرادت الاستزادة فلتستمع لشريط ( و لكن كونوا ربانيين ) للدكتور خالد السبت . يُتبع إن شاء الله تعالى ... __________________ الهدف الثالث : أن نحكم على أنفسنا و نقيّم أنفسنا بأنفسنا:لنعرف أين وصلنا و ما هو موقعنا لنستطيع أن نرقى بها و نؤدبها و نهذبها و نكمّلها و من حق أنفسنا علينا أن نرقى بها للمعالي لاسيّما إذا علمنا أن الله يحب معالي الأمور و يكره سفسافها .هذه الأهداف الثلاثة هي بعض أهداف الدورة و نسأل الله أن يرزقنا الصدق معه و نعوذ بالله من فتنة القول و العمل و نعوذ بالله أن نقول ما لا نفعل و نعوذ بالله أن يكون حظّنا من ديننا القول بلا عمل ، ونسأل الله أن يرزقنا الأدب مع كتابه .أُذكِّر؛ هذه المجالس للمذاكرة ، وحينما نوجه هذا الكلام فأنا أتوجه به لنفسي أولاً و أذكِّر به أخواتي لعل الله أن ينفعنا و يرفعنا به .قبل أن ندخل في محور الآداب هناك نقطة مهمة لحملة وحافظات كتاب الله أريد أن أنبه لها حتى ترسخ و تستقر و تصبح أرضية صلبة ننطلق منها في تعاملنا مع كتاب الله ..كلنا يعرف حديث النبي صلى الله عليه و سلم :"يُقال لصاحب القرآن اقرأ و ارتق و رتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ" صحيح الجامع 81222 ، إذا تأملنا الحديث نفهم أنه لا يمكن و لا يُتصور أبداً أن الإنسان ينال هذه المنزلة العالية و هذا الإرتقاء و العلو و الصعود في الجنة لمجرد أنه يُحسّن صوته بالقرآن و يتغنى بالقرآن بل لابد أن يصحبه شيء آخر ؛ و هذا الذي يصحبه معنى أعمق و أكبر من قضية تحسين الصوت و الترتيل اللفظي و استقامة اللسان .لفظ الحديث : اقرأ و ارتق ، ارتق : أي اصعد و الصعود يكون في الجنة ، و الجنة منازل و كلما صعدت درجة في الجنة يزيد النعيم و اللذة و المُلك في هذه الدرجة ..لا يمكن أن تصعد بمجرد أن ترتل و تقرأ باللسان فقط !!! إذا عرفتِ أن القرآن العظيم هو كلام الله ،أنزله الله في ثلاث و عشرين سنة مفرقاً على رسوله صلى الله عليه و سلم و السورة الواحدة أحياناً يشيعها سبعون ألف ملك لتنزل على قلب النبي صلى الله عليه و سلم مثل [سورة الأنعام ]،[الفاتحة]التي نقرأها في كل صلاة وهي أفضل سور القرآن لما نزلت فُتح باب من السماء لم يُفتح قط و نزل ملك من السماء لم ينزل قط ، لماذا ؟؟ " أبشر يا محمد بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك ، فاتحة الكتاب و خواتيم سورة البقرة ".. ، سورة البقرة نفسها بقيت تتنزل على النبي صلى الله عليه و سلم عشر سنين طيلة العهد المدني كله ، و النبي صلى الله عليه وسلم شُق صدره مرتين و أُخرج قلبه و غُسل بماء زمزم ليتهيأ لتلقي القرآن .إذاً هو كتاب عظيم و مقاصد عالية رفيعة يبني حياةً ، يؤسس منهجاً و يصنع أناساً . إذا عرفتِ عظمة القرآن و نفاسة القرآن و أنه كتابٌ عزيز تفهمين أن الصعود في الآخرة لا يُتصور لأنك كنت ترتلينه في الدنيا و تضبطين مخارج الحروف والصفات و أحكام اللام و الراء فقط ..بل ترتيل لفظي يُصاحبه عمل ، أي ترتيل بقلبكِ و بلسانك و بجوارحك حتى تكوني مرتلة حقيقية للقرآن .عمر بن الخطاب رضي الله عنه جلس في سورة البقرة ثمان سنوات هل يعني هذا أن عمر كان ذهنه ضعيف أو لا يستطيع الحفظ ؟؟مع أننا لو جئنا بأصغر طالبة الآن في دورة مكثفة لحفظ القرآن تخرج على الأقل بخمس أجزاء ، فهل نحن أفضل من عمر و ذاكرتنا أقوى من عمر المُلهَم المحدِّث الذي حباه الله بكثير من المميزات النبي صلى الله عليه و سلم قال :" لو كان بعدي نبي لكان عمر " عمر رضي الله عنه كان رجلاُ عربياً فصيحاً يحفظ المعلقات ، و لكن لماذا بقي 8 سنوات يحفظ البقرة ؟؟لأنه كان مرتلاً حقيقياً للقرآن ..لذلك قال العلماء أن [ الترتيل عمل ] فيه قراءة و فهم و تأمل و تدبر و بكاء و خشية و امتثال و محاسبة و تطبيق حتى ينتهي بصاحبه إلى تشكيله لشخص آخر .انظري لعمر ذاته كان في الجاهلية يدفن ابنته و هي حيّة تنفض الغبار عن لحيته يحفر لها القبر مع ذلك لم يتأثر ولم يرق وقام بدفنها *،و لكن عمر رضي الله عنه في الإسلام بمجرد أن رأى خيمة في الليل و رأى ناراً ذهب ليسأل : ما شأنكم ؟ يخرج الرجل يقول : أنا أعرابي و امرأتي جاءها المخاض لا أعرف ماذا أفعل ؟ ، فماذا فعل خليفة المسلمين ؟؟ يذهب إلى زوجته أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهما يقول لها [ أجرٌ ساقه الله إليكِ ] فتذهب معه حتى توَلِّد المرأة الأعرابية ، و يبقى عمر يُشعل النار و يصنع الطعام حتى يُطعم هذه النفساء ..هذا التحول هذا التحول العجيب في حياة عمر يجعلنا نتساءل .. ما لذي حوله و ليّن قلبه ورققه و طأطأه ؟؟ إنه القرآن .يسمع بكاء طفل رضيع يبكي و يشتد بكاؤه فيقول لأمه : يا أمة الله اتقي الله ، لِمَ تفطميه وهي لا تعرف أنه عمر، قالت : لأن عمر لا يفرض خراجاً إلا لمن فُطم .. لما سمع عمر رضي الله عنه هذه الكلمات خرج ليُصلي بالمسلمين صلاة الفجر فما عرف من صلى خلفه ماذا قرأ عمر من شدة بكائه و أنينه و نشيجه ، هذا هو عمر الذي كان يدفن ابنته و هي تنفض الغبار عن لحيته !!!هؤلاء كانوا مرتلين للقرآن ترتيلا حقيقياً كان الواحد منهم كلما قرأ فعلاً ارتقى ، ارتقى في الدنيا قبل أن يرتقي في الآخرة ...بل إنهم وصلوا لدرجة أن الملائكة تتنزل عليهم وهم يقرؤن القرآن...فهذا أسيد بن الحضير رضي الله عنه يقرأ سورة الكهف في الليل فرأى سُرج و قناديل في السماء فقطع القراءة فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تلك الملائكة و لو بقيت تقرأ لبقيت حتى يراها الناس " الله أكبر تأمل كيف أن إنساناً ليس نبياً كان يقرأ القرآن ثم تتنزل عليه الملائكة .. كانوا صادقين حقيقة .صادقين مع الله ومع أنفسهم ..عندهم توافق و انسجام الباطن متوافق مع الظاهر لم يكن عندهم تناقض ولا نفاق ولا رغبات متزاحمة و متداخلة لم يكن لديهم فوضى في قلوبهم يريدون الآخرة و يريدون الدنيا ..أما نحن فنتباهى بالإجازات و القراءات و المستويات ، حصلت على الإجازة في قراءة كذا و قراءة كذا و معي إجازة من الشيخ فلان و الأستاذة فلانة و تنافس و ألقاب و شهادات و مناصب .....!!!القرآن تنغلق أبوابه لمن يعيش هذه الفوضى و هذا التناقض بداخله و إنما يفتح القرآن أبوابه لمن خضع له ، و طأطأ له ، ورتَّل قلبه له يفتح أبوابه لمن جعل همهُ همّاً واحداً لا من شتت نفسه و فرّقها هنا و هناك .الخلاصة من هذا الكلام هو أن الترتيل الذي يضمن لصاحبه الارتقاء في الجنة و يقال له ارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ليس المقصود الترتيل اللفظي فقط و مجرد التلاوة و الحفظ فقط و إنما هو الترتيل المصحوب بعمل .يُتبع إن شاء الله تعالى . [/size]
أدب الطالب مع نفسه 1- احذر فساد النية و حقق الإخلاص : هذا الأدب هو الأصل و البداية لكل شيء فإذا صُححت النية بورك في العلم و بورك في العمل و بورك في الطلب وتحقق المراد ووجدت الثمرة و العباد يُعطون على قدر نياتهم و النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى " إذاً النية مؤثرة على العمل و الله عز وجل ابتلى العباد بالإخلاص قال تعالى : { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا }سورة الملك (2)، أي : أيّكم المخلص الذي أخلص عمله لله أيّكم الذي إذا نظر الله لقلبه لم يجد في قلبه إلا الله ، إذا تكلم تكلم لله و إذا تعلم تعلَّم لله و إذا خرج خرج لله و إذا دخل دخل لله فإذا جاء يوم القيامة يوم الابتلاء العظيم { يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} سورة الطارق (9)، يوم تُفضح و تُكشف و يُظهر الله ما فيها يقول الله : عبدي ماذا أردت بعملك ؟؟!! إما أن يقول العبد أردت وجهك يارب فيقول الله صدقت و تقول الملائكة صدقت وتصبح هذه أشرف لحظة تمر عليك عندما يصدقك الله ويقول لك صدقت . و إما أن يقول أردت الناس و ثناء الناس و المدح و الشهرة و الرياء و الدنيا و لا أحد يستطيع أن يكذب في ذلك اليوم أو يخفي شيئاً ، فالنيات و السرائر قد بُعثرت فُضحت و كُشفت فيقول الله تعالى : اذهب و خذ أجرك ممن عملت لهم فيحبط عمله و يذهب علمه و يخسر خروجه و دخوله و سهره و تعبه { وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا }سورة الفرقان(23 ). ولن يقف الأمر على هذا و حسب بل إن عمله يصبح وبالاً عليه فأول من تسعّر بهم النار يوم القيامة : المنفق و المجاهد و العالم الذي تعلّم ليُقال عالم و قد قيل ثم يُلقى في النار وهذا الحديث حديث مُحاسبة المقاصد حديث رهيب مخيف ، يستوقفك ، يرعبك ، يثير بداخلك و كأنه يقول لك : كن صادقاً هنا حتى لا تُفضح هناك ؛احذر حظ نفسك ، احذر من نيتك . فأدواء الناس كثيرة وعللها متشعبة و قد يظهر الإنسان بلباس التقوى و الصلاح و العلم والدعوة وفي داخله حيّة بل حيايا الوادي (حب الشهرة – السمعة – التميز – الألقاب – المناصب) خليط من الدخن و الحظوظ و الرغبات و المعكرات التي تدور في القلوب كالرحى . والمخيف في هذه الدسائس أنها خفيّة خفاءً شديداً يصوره لنا قول النبي صلى الله عليه و سلم " أخفى فيكم من دبيب النملة " تصوري النملة الصغيرة السوداء مشيها عبارة عن دبيب لا يُسمع و لا يُذكر و لا يُنتبه له فكيف لو مشت هذه النملة في الليلة الشديدة الظلام على صخرة شديدة السواد !!!؟؟؟ إذاً الأمر غاية في الخفاء و غاية في الصعوبة ... لذلك لابد مع بداية العام نقف وقفة مع أنفسنا و أن نحمل همّ سرائرنا و دواخلنا و قلوبنا كما قال ابن الجوزي :[ الله الله في السرائر فإنه لا يصلح مع فسادها صلاح ظاهر ] صيد الخاطر صـ119 والقضية قضية صدق :{ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} سورة محمد(21) { قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ } سورة المائدة (119). ليست شكليات و لا زخرفة و لا تمثيل و لا نفاق و لا تملق .. ابن مسعود رضي الله عنه الذي هو من أكثر الصحابة علماً بكتاب الله و الذي زكاه النبي صلى الله عليه و سلم و قال " من سرّه أن يقرأ القرآن غضاً كما أُنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد " وصح عند الحاكم و في مسند الإمام أحمد قال صلى الله عليه و سلم " رضيتُ لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد " وقال " تمسكوا بعهد ابن أم عبد " أمام هذا الكم الهائل من التزكية ماذا كان يقول ابن مسعود رضي الله عنه عندما اجتمع عليه الناس يتبعونه قال : [ لو تعلمون ذنوبي ما وطئ عقبي اثنان و لحثثتم التراب على رأسي و لوددت أن الله غفر لي ذنباً من ذنوبي و أني دعيت عبد الله بن روْثه ] هذه الكلمات وحدها مدرســة تربي ..
نتابع الأدب الأول الطالب مع نفسـه
لابد أن تقرأي هذا الكلام بقلبك ليقع موقعه و ينفعك بإذن الله تعالى .. أبو الدرداء رضي الله عنه حكيم هذه الأمة كان إذا سجد يستعيذ بالله من النفاق كثيراً . كم مرة قرأنا سورة البقرة و النساء و التوبة و النور و الأحزاب و ما خطر ببالنا أن نستعيذ بالله من النفاق ؟؟ أبو الدرداء رضي الله عنه لما قيل له : يا أبا الدرداء مالك و للنفاق قال :[ دعنا منك ، دعنا منك ، دعنا منك ، فوالله إن العبد المؤمن لا يأمن أن يقلب الله قلبه في طرفة عين ] كان الواحد منهم إذا ازداد علمه بالله يخشى النفاق و يخشى أن يطأ عقبه اثنان ، يخشى أن يُعظّم ، و أن يرفع قدره عند الناس ، يخشى الشهرة لأنه يعلم أن الشهرة مزلة عظيمة وموطن فتنة وموطن بلاء ، و مازال الصادقون من العلماء و الصالحين يكرهون الشهرة و يتباعدون عن أسبابها و يحبون الخمول ، و يجتهدون على حصوله . لما اشتهر ذكر الإمام أحمد ، اشتد غمّه و حزنه ، و كثر لزومه لمنزله خشية إجتماع الناس عليه ، وكان رحمه الله يُحذّر أحد طلابه فيقول :[ إياك و الشهرة فإني قد بُليت بها ] . فأقول لنفسي و لأخواتي و طالباتي .. لا تغتري بمدح الناس مهما مدحوكِ و أثنوا عليكِ [و أنت ِ مباركة و أنت من أهل القرآن ، أهل الله و أنت دعوتك مستجابة و أنت ِ... و أنتِ...] فالناس ليس لهم منّا إلا الظاهر فقط و الله وحده هو الذي يعلم السرائر ، فلا تأمني نفسكِ و لا تركني لها و لا تعطيها أكثر مما تستحق و تعظيمها و ترفيعها بل ينبغي لطالب العلم أن يكون مزدرياً لنفسه حتى لا يتعاظم عليه قلبه فمن تعاظم عليه قلبه و ذاق طعم نفسه هلك . الشيخ أبو إسحاق الحويني في برنامج مباشر اتصل شخص و أسرف في مدح الشيخ فكان الشيخ يردد [ اللهم استرنا ولا تفضحنا ، اللهم استرنا و لا تفضحنا ] يرددها فلما انتهى المتصل غضب الشيخ وعلّق :[ ليست العبرة بمدح المادحين و إنما العبرة بالخواتيم ] لا تغتر بإنسان حي حتى ترى بماذا سيختم له و هذا هو فقه العلم الصحيح. إن من علامات الإخلاص خوفكِ من الشهرة و من المدح و من الثناء و دفعه و الهروب منه و إن حصل رُدّي الفضل إلى الله مباشرة ( هذا رحمة من ربي ) ( و ما توفيقي إلا بالله ) (الفضل كله لله ) ثم الزمي دعاء أبي بكر الصديق رضي الله عنه : [ اللهم اغفر لي مالا يعلمون و لا تؤاخذني بما يقولون و اجعلني خيراً مما يظنون ] و اسألي الله كلما مُدحتِ و أُثني عليك أنه كما سترك في الدنيا أن يسترك في الآخرة و أن يجعل هذا الطيب الذي نُشر لك في الدنيا أن يُنشر لك في الآخرة .. هل يعني هذا أن لا نمدح أحداً مطقاً ؟؟ الأمر فيه تفصيل ..
يتبع ان شاء الله | |
|
سابحة لربها Admin
عدد المساهمات : 1084 تاريخ التسجيل : 14/06/2012 العمر : 64
| موضوع: رد: دورة أخــلاق حملة القرآن (كتابيه ) الثلاثاء أبريل 30, 2013 2:27 pm | |
| الأدب الثاني للطالب مع نفسه : احذر المعاصي لأن المعاصي إطباق و إغلاق على القلب .. شبّه أحد السلف القلب بالكف المبسوط يذنب العبد فضم إصبعه ثم يُذنب فضم الآخر ثم يُذنب حتى ضمها كلها ثم يُختم عليه .. أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه كلما أذنب العبد نُكتت نُكتة سوداء في قلبه و كلما ازداد ازدادت هذه المساحة السوداء في القلب ، قضية الذنوب و الإصرار على الذنب و تكراره المرة تلو المرة كل هذه معيقات تعيقك.. تُغلق عليكِ كثير من أبواب الخير سواء في حفظكِ أو في فهمكِ أو في بركة وقتك فتُنزع ، و أحياناً قد تُفقدك لذة العلم و إذا لم تُفقِدك اللذة كلها تُفقدك بعضها و تُثقل عليكِ العلم ، فيجد الإنسان في نفسه خُمول و تراخي وعدم رغبة وهذا معناه أن العلم أصبح ثقيلاً على صاحبه . ومن آثار المعاصي أيضاً أنها قد تكون سبب في نسيان العلم و تفلت الحفظ يقول ابن مسعود رضي الله عنه : [ إني لأرى الرجل كان يعلم العلم ثم ينساه فأحسب أن ذلك كان بسبب معصيته لله تعالى ]. قال علي بن الخشرم : رأيتُ و كيع بن الجراح و لم يكن في يده كتاب و كان يحفظ أكثر مما نحفظ فسألته . فقال : يا علي إن دللتك على دواء النسيان أتعمل به ؟؟ قالت : إي والله . قال: ترك المعاصي فما رأيت أنفع للحفظ من ترك المعاصي . المعاصي بعمومها تؤثر على القلب و القلب أشد صفاءً و شفافية و رقة ًمن المرآة ، كل شيء يؤثر فيه .. النظرة الكلمة ، الإرادة ، العزم ، التفكير ، الخواطر ، كلها تؤثر في القلب . ولكن هناك ذنبين أشد تأثيراً على القلب تؤذيه غاية الإيذاء و تثقله غاية الإثقال : 1- المعاصي القلبية 2- الظلم هاتين المعصيتين بالذات قفلها شديد على القلب ، تُقسّيه ، تُغلق عليه ، تجعله صلباً قاسياً و تقلل نَداوته و طراوته و دموعه و النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من القلب القاسي الذي لا يخشع و بالمقابل وصف لنا قلوباً يحبها الله جاء في هذا الحديث " إن لله آنية من أهل الأرض و آنية ربكم قلوب عباده الصالحين و أحبها إليه ألينها و أرقها " السلسلة الصحيحة 1691. القلب الذي فيه رقةً و ليناً و إخباتاً و استكانةً و خضوعاً هذا قلب قريبٌ من الله عز وجل ..وعلامة هذا سرعة دمعته ..دمعته حاضرة قريبة كما يقول ابن رجب [ القلب إذا قلّت خطاياه أسرعت دمعته ] إذا أذنب صاحبه بأقل معصية أو أدنى سهو أو غفلة انتفض كما ينتفض العصفور إذا نزل على جسد الماء وقد بشَّر النبي صلى الله عليه وسلم صاحب هذا القلب بالجنة قال عليه الصلاة و السلام " يدخل الجنـة أقوامٌ أفئدتهم مثل أفئدة الطير " رواه مسلم 709 أما القلوب التي ابتليت بالآفات القلبية و الشحناء ، البغضاء محن و غلّ و حقد و حسد و نفاق و سوء ظن و تشفّي وحب انتقام و صدور تغلي .. لا يمكن بحال من الأحوال أن يستقر العلم في مثل هذه القلوب المملوءة المزحومة ، المشغولة . القلوب أوعية يُستودع فيها العلم و إنت كل ما نظفتِ و عائك و صفيتيه و طهرتيه ملأ الله وعائكِ علماً و فهماً و إيماناً و ورزقكِ من حيث لا تحتسبين . الظلم أيضاً كله شرّ وسواد ووحشة يكفيكِ أن أولَ شيءٍ حرمهُ الله على نفسه هو الظلم و النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " متفق عليه ظًلمات : أي ظلمات حسّية و ظلمات معنوية . أما الدنيا : فإن الظلم يورث ظلمة القلب فإذا أظلم القلب تاه و تحيّر و تجبر، فذهبت الهداية و البصيرة و خرب القلب . و أما الآخرة الظلمات الحسيّة : كلما كان الإنسان ظالماً لغيره زادت عليه الظلمة يوم القيامة في منطقة توزيع الأنوار عند الصراط. من العباد من يُعطى نوره كالجبل بين يديه و منهم من يُعطى نوره كالنخلة و منهم من يُعطى نوره كالإبهام يضيء مرة و يطفيء مرة .. فكلما كان الإنسان ظالماً لغيره في الدنيا نقص نوره يوم القيامة وازدادت عليه الظلمة في ذاك اليوم العسير الذي نكون فيه أحوج ما نكون لهذا النور حتى نعبر و نتجاوز الصراط ؟؟ ولكن كيف نعبر و فيه ظُلم !! و أكل حقوق و مكر و تجبّر و احتقار وغيبة و نميمة و سخرية و استهزاء ؟؟ أما الظلمات المعنوية المقصود بها كُرب يوم القيامة ، العرق ، الفزع الشديد ، الضيق ، طول المقام ، الخوف .. كلما كان الإنسان ظالماً ازدادت عليه هذه الكربات .. قال بعض الحكماء : أعجل الأمور عقوبة و أسرعها لصاحبها سرعة : ظلم من لا ناصر له إلّا الله . يا حاملة كتاب الله احذري الظلم ... فإن الظلم شـــــــــــــديــد .الأدب الثالث: احذر الهوى و ذنوب الخلوات : هذا النوع من الذنوب مؤشر أن التقوى عندك مريضة و الأصل أن التقوى تتفلت أحياناً تكون مريضة و أحياناً غائبة و أحياناً قد تموت التقوى .. وكم من أناس صالحين يحسبهم الناس على خير وقد زلت أقدامهم و تلطخت و تعثرت و فقدوا الكثير من مروئتهم و خسروا كثيراً من إيمانهم و تنازلوا عن مباديء كانت ثابتة عندهم بسبب موت التقوى أو غيابها . فالذي لا يتقى يضيع و الذي لا يتقي يبور، و الذي لا يتقي يهلك و الله عز و جل يقول { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ } سورة النور(52)، و النبي صلى الله عليه و سلم و صّى بالتقوى " اتق الله حيثما كنت .." الترمذي 2053 ، فإذا غابت التقوى أو مرضت أو نقصت عندها سنجد ذنوب الخلوات و سنجد الخيانات و العلاقات المحرمة و الشهوات المؤرقة و المشوشة المرهقة لأصحابها ، سنجد من اُبتلي في سمعه و من اُبتلي في بصره و قلبه ؛ ومن قلبه مريضٌ يحب الحرام و يحب الهوى ، و ما قيَّد الإنسان قيدٌ مثـل الهوى .. لأن الهوى يهوي بصاحبه ، و يُعمي صاحبه و يشل تفكيره و يُعطِّل حواسه و يجعله مخموراً بهواه و حذّر الله سبحانه و تعالى من الهوى :{وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } سورة ص (26) و الهوى له معنيان : المعنى الأول : الخلو و الفراغ يقول الله تعالى : { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ } سورة إبراهيم (43) بمعنى : خالية ، فارغة ولا تعي شيء و كل صاحب هوى فهو فارغ . فارغ من كل خير و من كل مروءة ومن كل فضيلة ومن كل نفع ومن كل علم . المعنى الثاني : يحمل معنى السقوط وكل صاحب هوى فقد سقط من علو ٍ إلى سفول ومن أسقطه الله فلن يرفعه أحد يقول تعالى : { وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ }سورة الحج (18) أسوأ الأمثال في القرآن ضُربت بمن لا يعمل بعلمه و اتبع هواه ، قال تعالى :{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} انسلخ كما ينسلخ الجلد عن لحم الشاة و كأنه إنسان تغير و غيَّر جلده ، راغ روغان الثعلب و انتكس بعد أن هداه الله إلى العلم و إلى مجالس العلم و إلى الهداية و إلى الخير .. ترك و ابتعد و انسلخ { فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} أدركه و لحقه و استأسد عليه فبدأ يلعبُ به لعباً و يغويه إغواءً { فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} سورة الأعراف (175). لماذا خُذل هذا العبد ؟؟ { وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ } مثله الله بالكلب حينما يُخرج لسانه و يحركه و يلهث وهذا أبشع صور الكلب يقول ابن القيم رحمه الله في - إعلام الموقعين – بتصرف : - الكلب من أشد الحيوانات شرهاً و حرصاً ومن حرصه أنه لا يمشي إلا و أنفه في الأرض يتروح . - إذا رميت له بحجر يرجع له مرة أخرى يعضه من فرط نهمته . -وهو من أمهن الحيوانات و أرضاها للدنايا فالجيفة القذرة أحب إليه من اللحم الطري و إذا ظفر بميْتة تكفي مئة كلب من شدة حرصه و نهمته و شراهته لا يقترب منها كلب إلا و نبح عليه . كذلك هذا الذي انسلخ من العلم بعد أن علّمه الله ولم يعمل بعلمه يصبح حبه للدنيا حب غير طبيعي ، حب فيه نهم و حرص و شراهة ، كل ما انفتح له باب من أبواب الدنيا دخل فيه و خاض فيه ؛ يظل يجري و يجري و رائها و لن يشبع منها فقد انفرط عليه أمره !!! وكل من استحكم فيه هواه انفرط أمره ، قال تعالى :{ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا } سورة الكهف (28) ، ضيّع الله فضيعه الله و أنساه نفسه و من أعظم العقوبات أن يُنسيك الله نفسك فتضيّعها و تُضيع مصالحها و تخسر دنياك و آخرتك و كل هذا جزاءً و فاقاً فمن ترك ما يُدنيه و يُقرّبه ابتلاه الله بما يُشغله و يُبعده { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } سورة الصف(5) وخطورة هذا النوع من الذنوب يأتي من جهتين: نكملها في اللقاء القادم إن شاء الله ..وخطورة هذا النوع من الذنوب يأتي من جهتين : 1- الغالب أن هذه الذنوب لها حُب و تمكّن في القلب ، لها لذة تجدي الواحدة تقرر أن تتوب ثم لا تلبث أن تتراجع عن قرارها وعن التوبة !! .. لِم ؟؟ لأن هذا الذنب قد يكون هو نقطة ضعفها و هي ضعيفة أمامه ، هي تعرف أنها في وضع خيانة ، و أنها تخون الله ورسوله و تقرأ {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} سورة النساء (107) و لكنها في نفس الوقت لا تستطيع فالذنب يأسرها و يتملكها و هي أسيرةٌ في قبضته . 2-لأن الشيطان في هذه النوعية من الذنوب بالذات يكون نَفَسه طويل جداً عليكِ و ما يستعجل يأخذك خطوة خطوة ، ينفث فيك نفث حتى تقع الزلة الأولى (الهفوة الأولى) ويكون حريص أن تقع فإذا و قعتْ تأتي ما بعدها الواحدة بعد الأخرى متتالية متوالية سريعة . هنا يأتينا سؤال : كيف يقع ممن ظاهرهم الصلاح والتقوى وأنهم أهل خير في هذه الذنوب ؟ كيف يستطيع الشيطان أن يوقعهم ؟ - يُلّبس لهم بلباس العلم و يضع لهم شرَكه و حبائله و كيده و مكره فيأتيهم من طريق العلم و يُغلف هذه الذنوب بقالب الدين و الإستشارة و النصيحة ، أو تعبير الرؤى ، أو المشاركة في المنتدى ، و غيرها و غيرها من الصور التي تزيد و تزيد و تتحول إلى رسائل – وود ّ – و ألفة – و اتصالات و مشاعر و يعيش الإثنين في تناقض عجيب بين خلواتهم و جلواتهم و بين نظرة الناس لهم و نظرتهم هم لأنفسهم وصدق رسول الله صلى الله عليه و سلم " الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس " . بناتي و أخواتي .. ما بُني على فاسد فهو فاسد ، و الغاية لا تُبرر الوسيلة و أكبر خطأ يرتكبه الإنسان في حق نفسه يوم أن يخدع نفسه و يمكر على نفسه و يعيش في تناقض ، و أصَّلنا في اللقاء الماضي أن القرآن لا يفتح أبوابه لمن يعيش هذه الفوضى و هذا التناقض بداخله .. [ لن يفلح قلب مشغول بالخيانة و الخَبَث و الحرام ] و على المعلمات تقع مسؤولية و أمانة في أعناقهن لابد من تحذير الطالبات من هذه النوعية من الذنوب كم مرة درَّستِ و حَفَظّتِ آيات فيها لفظ الهوى و الزنى و الفواحش و لفظ الخيانة ؟؟ 1- كان بإمكانك أن تقفي وقفات إيمانية مع الآيات و تُحذري طالباتك من هذه الذنوب و تبيني لهم أنها قيد و سقوط و فضيحة .وكما يقول الرافعي [ سقوط المرأة هو السقوط لكل من حولها ] – وحي القلم للرافعي – 2- بيني لهم أن هذه الذنوب تبدأ بخاطرة سوء يبذرها الشيطان في أرض القلب فإذا تمكن من بذرها أخذ يتعاهدها و يسقيها مرة بعد مرة ، يزيّن و يزخرف و يحلّي حتى يُصبح القلب ذليلاً لها مخموراً بها و العياذ بالله . 3- بيِّني لهن اسم الله الحليم و أن الله يستر و يستر و يكرر الستر على عبده و لكن إذا أمِن العبد مكر الله و تمادى و بقي كما هو في خيانته و في عصيانه و ذنوبه فقد تكون عاقبة أمره أن يفضحه ومن فضحه الله فلن يستره أحد . 4- وعيّيهم أن هذه النوعية من الذنوب تحتاج أن تكوني فيها قاسية على نفسك و تقطعي وتسدي كل المنافذ و الأبواب و الطرق الي ممكن أن ترجعك لها مرّة ثانية لأن النفس ما تستقيم معك ِ إلا إذا كنتِ حازمة وكما يقول ابن القيّم [ احذر نفسك فما أصابك بلاء قط إلا منها ] 5- اشتركي مع معلمات المدرسة وزعي كتيب الشيخ علي الطنطاوي [ يا بنتي ] أو كتيب [ العشق ] للدكتور إبراهيم الحمد خاصة على طالبات المرحلة المتوسطة و الثانوية لعل الله أن ينفع بها و الكلمة إذا وجدت في القلب محلاً نفعت . هذا من التربية ومن الإحسان للخلق و من أحسن إلى الخلق كان الله إليه بكل خيرٍ أسرع وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان .
__________________
| |
|
سابحة لربها Admin
عدد المساهمات : 1084 تاريخ التسجيل : 14/06/2012 العمر : 64
| موضوع: رد: دورة أخــلاق حملة القرآن (كتابيه ) الثلاثاء أبريل 30, 2013 2:31 pm | |
| الأدب الرابع : تقلل من الدنيا : في لقاء مع الشيخ عبدالله الشنقيطي ابن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – العلامة الكبير صاحب كتاب أضواء البيان- و أحد كبار العلماء الشناقطة الذين درسّوا في الجامعة الإسلامية في المدينة و كان رحمه الله تعالى من أعلم أهل الأرض في زمانه – قال : كان أكثر ما يحذرني رحمه الله من الدنيا يقول لي :[ يا إبني احذر الدنيا لأنها مثل البحر كلما شربت منها زاد عطشك ولا يضحك عليك الشيطان و تقول أبغى أجمع قروش و أتصدق و أفعل و تظل طول عمرك تجمع في القروش ، تجمع في القروش ومن ثم تضيعك هذه القروش ] نقلاً عن موقع طريق الإسلام –سيرة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي فكان أكثر ما يحذره من الدنيا . لا أحد يشك و يُنكر خطورة الدنيا و أنها قد تقف عائق أمام الإنسان لاسيّما و النبي صلى الله عليه أخبرنا "أن الدنيا خضِرة حُلوة " خَدّاعة تسحرك كلما فتحت على نفسك أبوابها فَتَنتك أكثر وكلما تعلقت بها سحبتك أكثر و أكثر و الله يبين لنا حقيقتها ، أنها متاع الغرور و أنها لهوٌ وزينة ٌو تفاخرٌ و تكاثرٌ، نهانا في القرآن أن نمدَّ و نطلق أبصارنا فيها { وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ }سورة طه (131) . كان مالك بن دينار يقول: [ اتقوا السحارة ، فإنها تسحر قلوب العلماء – يعني الدنيا ] مختصر منهاج القاصدين . و المقصد : لا تنشغل يا عبد بحطام الدنيا ، لا تتوه في أوديتها و شعابها ، لا تسرع و تهرول إليها إنما خفف وطأتك فيها و تقلل منها .. لماذا؟؟ حتى لا تنقلب ضدك و تصبح شراً و وبالاً عليك و تصبح قاطع يقطعك عن الآخرة و شاغل يشغلك و يصدّك عن الآخرة و مجالس العلم و الخير .. و من الطبيعي أن من أحب دنياه أضرّ بآخرته . لن يجتمع في القلب حب الدنيا وحب الآخرة أيهما كان أكثر تمكناً في القلب طرد الآخر. أأكد أنني لا أتكلم عن الحب الطبيعي للدنيا هذا لا نُلام عليه بل هو حبٌ جُبل عليه الإنسان { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } سورة آل عمران(14). وكلمة عمر رضي الله عنه مشهورة لما فُتحت بلاد فارس و جاءت الغنائم و الأموال و الحلي و الذهب ، بكى رضي الله عنه و قال : [ اللهم إنّا لا نستطيع إلاّ أن نفرح بما زينت لنا فاللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه ] إنما أتكلم عن الإسراف و التعلق الزائد بالدنيا و الإنغماس فيها و التنافس عليها ، و يصبح القلب مشغول و معذّب بها . النبي صلى الله عليه و سلم خافها على أصحابه رضوان الله عليهم و هم جبال في الإيمان راسخين قال :" مالفقر أخشى عليكم إنما أخشى أن تُبسط الدنيا عليكم فتَنَافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم " .. تأمل هذا الحديث الذي خرجه الإمام أحمد و النسائي و الترمذي و ابن حبان في صحيحه من حديث كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنمٍ بأفسد لها مِن حرص المرءِ على المال و الشرف لدينه " و المعنى : أنه لا يسلم من دين المسلم مع حرصه على المال و الشرف في الدنيا إلا القليل كما إنه لا يسلمُ من الغنم مع إفساد الذئبين فيها إلا القليل ، فهذا المثل العظيم يتضمن غاية التحذير من شر الحرص على المال و الشرف في الدنيا - ذم المال والجاه لابن رجب الإمام سفيان الثوري رحمه الله – إمام الكوفة و محدثها و فقيهها و عالِمها – عندما نقرأ في سيرته و ترجمته نجد أنه كان يهرب من الدنيا هروباً عجيباً ... أرسل الخليفة المهدي في طلبه يريد أن يقربّه منه يوليه منصباً في الدولة ويصبح مستشاراً له يعينه في أمور خلافته لما عرف سفيان بطلب الخليفةِ لهُ هرب و ترك الكوفة كلها و ذهب إلى البصرة و اشتغل فيها عاملاً في بستان نخيل حتى لا يصل إليه الخليفة، فقيل لسفيان : إن الخليفة لا يريد سجنك و لا مُعاقبتك و لا تعذيبك إنما يريد أن يقرّبك و يدنيك فلماذا لا تُجيب الخليفة ؟ فقال له : [ أو تحسبني أخشى عذابه إنما أنا أخشى إكرامه ] خاف سفيان أن تفتح الدنيا أبوابها عليه و تُبسط له ؛ فيغتر و ينخدع بها – و الدنيا سحّارة كما يقول مالك - فيضيع علمه و يخسر دينه و آخرته .(سير أعلام النبلاء- بتصرف)
وهذا منهج عند أهل العلم الصادقين قضية التقلل من الدنيا و الزهد فيها وعدم التكثر منها قدر المستطاع سُئل أهل البصرة عن عالِمهم – الحسن البصري – و قد بلغ عندهم منزلة عالية و أصبح ذكره على كل لسان فقيل لهم : بما بلغ فيكم الحسن البصري ؟ قالوا : استغنى عن دنيانا و احتجنا لعلمه . من المشايخ المعاصرين فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه من مناقبه و مآثره المعروفة عنه أن الدنيا كانت حقيرة صغيرة في عينيه لا يأبه لها و لا يجري خلفها بل استغنى عنها و هي التي تلاحقه ، حصل على جائزة الملك فيصل الدولية و كانت الجائزة عبارة عن مبلغ مالي كبير جداً و مغري بمجرد إعلان اسم الشيخ أنه حصل على هذه الجائزة مباشرة أعلن تنازله عنها لدار الحديث الخيرية .. يقول وكيله المالي : و الله ما سألني طيلة حياته عن راتبه كم هو ؟ أو متى يُصرف ؟ ما سألني عنه أبداً ...
كان لديه قطعة أرض فحدّد جيرانه أرضهم فأخذوا من أرضه فدخل و كيله عليه وكان منزعجاً وقال له : اقتطعوا من أرضك دون استئذان و بلا حق ، فبكل بساطة أجابه الشيخ : [عساهم راضيين و لا بخاطرهم شيء ؟] فأعاد له الكلام و قال : هم اقتطعوا من أرضك .. فقال : [ نعم عساهم راضيين إن شاء الله ؛ الذي أبقوه لنا يُبارك لنا الله فيه ] انظر لترجمته في كتاب [ الإنجاز ترجمة الإمام بن باز ] لعبد الرحمن الرحمة .فهذا هو ديدن أهل العلم التقلل من الدنيا و الزهد فيها [و إذا أراد الله أن يُفرغ طالب العلم له نزع الدنيا من قلبه ] فأصبحت الدنيا لا تعني له شيء أقبلت أم أدبرت . ليس معنى هذا أن نرفض الدنيا و نُعرض عنها و نتركها ليس هذا هو المقصود ، و إنما المقصود أن هناك فرق بين : أن أنشغل بالدنيا و أنغمس فيها و أزاحم عليها و أعاتب عليها و بين أن أهتم بها إهتمام طبيعي [ أهتم بقدر – انشغل بقدر- أفرح بزينتها بقدر- أقنع باليسير الذي كتبه الله لي من غير حرص و تشوّف على الزيادة و التوسع و الكماليات و إن خسرتِ شيئاً منها فلا تهزكِ الخسارة هزّة عنيفة تُفقدكِ أعصابكِ و عقلكِ و هدوءك و مروءتك لأن الدنيا بكل ما فيها من زينة و متاع و زخرفة و أموال لا تسوى عند الله جناح بعوضة .. هذا هو القالب الذي تضعي نفسك فيه في تعاملك مع الدنيا " وقد أفلح من هدي إلى الإسلام و كان عيشه كفافاً و قنّعه الله به " قبل أن نخرج من موضوع التقلل من الدنيا أردت أن ألفت الإنتباه لخُلق هو غاية ما يكون من النُبل و المروءة و نزع الدنيا من القلب ألا وهو خُلق [ العفة – النزاهة – القناعة ] ولو كانت أفقر طالبة علم ، و يمكن يمرّ عليها الشهر و الشهرين و الثلاثة و هي لا تملك شيء و مع ذلك إن جلستِ معها تعتقدي أنها من أغنى الناس . وهذا كما قلت غاية ما يكون من عزة النفس و شرفها و كرمها و نبلها بأن لا تذل نفسها لأحد ولا تسأل أحد، و لا تريق ماء وجهها لأحد .. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس الغِنى عن كـثرة العَرض و لكنّ الغنى غِنى النفس " متفق عليه . وإن كانت العفة مطلوبة من كل مسلم إلا أنها مطلوبة منكِ – يا حاملة كتاب الله – أكثر. القرآن يربيكِ عليها ... يؤصلها في قلبكِ .. القرآن يعلمك كيف تكوني مؤمنة عفيفة .. قال تعالى : { للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله ...} فقراء المهاجرين حين وصلوا للمدينة لم يكن لديهم شيء لا تجارة و لا أموال ولم يكن عندهم ما يَّسِد جوعتهم هذا فضلاً عن أن يغنيهم ومع ذلك بماذا وصفهم الله { يحسبهم الجاهلون أغنياء من التعفف } عندهم عفة في لباسهم و كلامهم و أحوالهم ، لا يُظهرون فقرهم و حاجتهم و شكواهم للمخلوقين { لا يسألون الناس إلحافا} . لأنهم يعلمون أن من أنزل حاجته بالناس فإنها لن تُقضى الآن الله سيكله إليهم ومن وكله الله إلى الناس فهو خائبٌ ولا شك قال صلى الله عليه وسلم " من أصابته فاقةً فأنزلها بالناس لم تُسدّ فاقته و من أنزلها بالله فيوشك الله له بِرزق عاجلٍ أو آجل " حسنه الألباني في صحيح الجامع . و النبي عليه الصلاة و السلام حذّر من سؤال الناس – بل إن المسألة بدون حاجة من كبائر الذنوب " لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى و ليس في وجهه مُزعة لحم " متفق عليه ، يعني يجيء يوم القيامة و ليس عليه إلا عظام تلوح أمام الناس – فيُفضح و يُكشف أمره و العياذ بالله . وقال عليه الصلاة و السلام :" من سأل الناس تكّثراً فإنما يسأل جمْراً فليستقلْ أو ليستكثر " رواه مسلم ، الذي يسأل الناس بدون حاجة ضرورية – يعني يسأل الناس للكماليات و تكثير الأموال – فإنما يسأل جمراً فإن زاد في السؤال استكثر هذا الجمر عليه و إن قلّ في السؤال قلّ هذا الجمر عليه و إن ترك سلِم من الجمر ( شرح رياض الصالحين للشيخ ابن عثيمين رحمه الله – باب القناعة والإقتصاد في العيش -) وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم " اللهم إنّي أسألك الهدى و التقى و العفاف و الغنى " و أختم بهذا الحديث الذي هو بُشرى و تربية عظيمة ليتدرب الإنسان و يتمرس و يتكلَّف ترك سؤال الناس " من يتكفل لي أن لا يسأل الناس شيئاً و أتكفلُ له بالجنـة " رواه أبو داود- صحيح الجامع.
ولقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت و اصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت ". و تأملي أيضاً من عظمة الشريعة دعاء الخروج من المنزل : " اللهم إني أعوذ بك أن أزل أو أُزل أو أضِلّ أو أُضل أو أظلِم أو أُظلم أو أجهل أو يُجهل عليّ " لماذا هذا الدعاء؟؟ حُسن السمت : أي حُسن المظهر الخارجي ( كلامك – صمتك – هيئتك – لباسك – شعرك –دعابتك – حركاتك – دخولك – خروجك ) بحيث من يراك مباشرةً ينسبكِ لأهل الصلاح و الديانة و الورع .. هذا هو السمت الصالح . وهو مطلب و مقصد عند كل من سلك طريق العلم و حَملَ كتاب الله لاسيّما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " الهدي الصالح و السمت الصالح و الاقتصاد جزء من خمسة و عشلاين جزء من النبوة " رواه أبو داود وحسنه الحافظ بن حجر في الفتح . الصحابة رضوان الله عليهم كانوا حريصين جداً على السمت الصالح حتى أن الله مدحهم بها في سورة الفتح { سيماهم في وجوههم } قال ابن عباس : هو السمت الحسن.أي أن يظهر عليهم أثر العلم و أثر العبادة و القرآن و الهداية في لباسهم و هيئاتهم و كلامهم و صلاتهم وكل شأنهم . يقول الحسن البصري رحمه الله [ كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يُرى ذلك في تخشّعه و لسانه و بصره ِ و يده ] شُعب الإيمان – نضرة النعيم . بل وصل الأمر أنهم لا يأخذون العلم من أحدٍ حتى يظهر عليه هذا السمت يقول إبراهيم النخعي رحمه الله [ كانوا إذا أتوْا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى صلاته و إلى سمته و إلى هيئته ثم يأخذون عنه ] الآداب الشرعية – نضرة النعيم احنا للأسف الشديد – قد تجدين الواحدة خاتمة للمصحف و تحمله في صدرها و لا يظهر عليها الأثر لا من قريب و لا من بعيد أنها من أهل القرآن نسأل الله السلامة و العافية . نرى ممن يحضر مجالس العلم مجالس القرآن و يواظب عليها و يلف حول مائدتها لكن لا هيئتها و لا لباسها ولا قصة شعرها و لا مكياجها و لا حجابها يدل أن لها علاقة بكتاب الله . هذا فضلاً عن الكثير و الكثير من خوارم المروءة التي تفشت بين هذه الطبقة التي يُفترض أنهم يكونوا مباركين بحيث من يراهم ينتفع برؤيتهم حتى و إن ل يتحدثوا معهم فالمبارك لابد أن يفوح شيءٌ من عبيره فيمسَّك و ينالك كيف لا و الأمر متعلق بجزء من خمسة و عشرين جزءاً من النبوة !!! لكن هيهات هيهات هيهات – فالأمر أصبح بعيداً – لا أقول هذا الكلام من باب المبالغة أو التشاؤم أو الإنتقاد و التجريح و نشر الزلات، أنا ممن ينتسب إلى دور تحفيظ القرآن و أدرَّس فيها و أتنقل بينها فأشاهد بعيني هذا البعد و هذه الفجوة و هذه الغربة وهذا التناقض الذي يعيشه أهل القرآن ( معلمات – و طالبات – و إداريات) مع أنفسهم وكما قيل [ من بُلي بالآفات صار أعرف الناس بطرقها ] لذلك تكلمت .. إن شئتِ حدثتك عن القهقهات و الأصوات العالية و الضحك و النكت و المزاح و كثرة الحركات و الهمزات و النظرات التي لا أعرف كيف أصفها كتابةً ! هذا فضلاً عن التعليقات التي من السخافة و الرعونة و الحمق و السفه الشيء الكثير ، الثرثرة و الفضول الذي أوصل البعض لتتكلم عن زوجها و دقائق و تفاصيل فِراشها حتى جعلت حياتها الزوجية كالكلأ المباح من أراد أن يرعى فيه فالباب مفتوح !! الدندنة و الألحان و التطريب و التنقل من أنشودة لأنشودة بزعمهم أناشيد إسلامية – مؤثرات و إيقاعات صوتية –وكل هذا يقدح في مروءتنا و يخرجها من سمت أهل العلم و يقلل هيبتها و يجرئ الناس عليها . كم تلقيت من الإتصالات و الشكاوى من طالبات خاصة حين أتطرق لموضوع القلوب و قسوة القلب ( منهم من لا تُصلي ، ومنهم من تؤخر صلاتها ، ومنهم من لا تشعر بلذة ولا خشوع لعبادتها.. و منهم و منهم و منهم ... و أول ما أبدأ أسأله للمتصلة ما وضعك مع الأناشيد و الحب و التطريب و الدندنة فأجد الإجابة التي كنت أعرفها قبل أن تتكلم بها أنها مغرمة بسماعها ( لأن حب الغناء و حب القرآن لا يجتمعان في القلب )
__________________
| |
|
سابحة لربها Admin
عدد المساهمات : 1084 تاريخ التسجيل : 14/06/2012 العمر : 64
| موضوع: رد: دورة أخــلاق حملة القرآن (كتابيه ) الثلاثاء أبريل 30, 2013 2:35 pm | |
| لن أعيد ما كتبته عن حب الغناء [ في ملزمة سورة لقمان ] لكن بكل صدق أنادي حملة القرآن مدرسات القرآن و حافظات القرآن :
أنتِ اخترت طريق الأنبياء و طريق الأنبياء و طريق أولو العزم من الرسل طريق العلم و الدعوة و القرآن فالمطلوب منكِ أكثر من المطلوب من غيرك ..
إن كان غيركِ يُطلب منها أن تكف عن الحرام و المعاصي و المخالفات فأنتِ مطلوب منكِ أن لا تضعي نفسكِ أصلاً في موقع ريبة و لا شك و لا شبهة [ من ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه و عرضه ]
رحم امرىء رد الغيبة عن عِرضه هذا إذا كان الأمر متعلق به هو بنفسه فكيف بك والأمر متعلق بكل دور القرآن و مدارس القرآن .
أنتِ قدوة شئتِ أم أبيت طالما أنكِ انتسبتِ لهذه الدور فالناس تنظر إليك و ترى تصرفاتك و أحوالك وهي محسوبة عليكِ فإياك أن ينتُقد أهل القرآن بسببك .
أخشى ما أخشاه أن نحسب أنفسنا من طالبات العلم و في حقيقة الأمر أننا قد انسلخنا من العلم ....
أعجبتني تلك الجملة التي سمعتها في أحد الدروس العلمية للدكتور عبد الرحمن الدهش [ ليس الشأن أن تحفظ القرآن و لكن الشأن كل الشأن أن يحفظك القرآن ]
الله أكبر ما أعظمها و ما أصدقها من عبارة ... اعرضي نفسكِ على القرآن و لو كنتِ صادقة فإن القرآن سيعرّيك أمام نفسك .
فمن استبصر بالقرآن عظمت بصيرته ومن استهدى بالقرآن كملت هدايته فنِعم المعلم من الجهالة القرآن .
أعلم مدى صعوبة هذا الكلام و ثِقلهُ عليّ و عليكِ لكن اُذكر نفسي و أُذكرك أننا في تكليف كله شرف لو فهمتِ هذا التكليف و أديته كما ينبغي نلتِ الشرف الذي فيه ..
يوم أن يُقال لك اقرأ وارتق ورتل كما كنت تُرتل في الدنيا ، من عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل ، رزقني الله و إياكم ذلك الشرف العظيم .
الأدب السادس : أكـــثر العبادة
يقول ابن باجي وهو يوصي ولديه : [ العلم ولاية لا يُعزل عنها صاحبها إلا إذا ترك العمل بها ] أي أن العلم ولاية من رب العالمين وظيفة ربانية ليست مكتسبة من أحد لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ العلماء ورثة الأنبياء ]
وهذه المنزلة لا يملك أحد أن يعزل العالم ، طالب العلم منها إلا إذا ترك العمل بالعلم الذي تعلمه ..
عيبٌ على حملة كتاب الله أن لا يكونوا عبّاداً لله ،لاسيّما أن العبادة هي المنزلة التي يتنافس فيها المتنافسون و الأنبياء قد سابقوا فيها و الآيات في هذا كثيرة .
ما فائدة القرآن الذي حفظناه أو درسناه أو درّسناه إذا لم يكن لنا نصيب من قيام الليل و صيام النهار و كثرة الذكر ، ما الفائدة إذا كنّا من النّقارين في صلاتنا لا خشوع و لا إطالة ولا سنن رواتب ولا نفل إذاً ما فائدة المفصّل الذي حفظناه إن لم نصلي به ؟ كيف سننال شفاعة سورة البقرة و آل عمران إذا لم نصف أقدامنا و نجاهد أنفسنا ونقوم بها ، فمن تهجد بالليل حفظ له دينه في النهار ...
{ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا }سورة المزمل (6)
لا يبقى الإنسان على القليل و القليل في العبادة فالمؤمن لا يسأم و لا يكل من عبادة ربه و الله عز وجل لا يجعل عبداً أسرع إليه كعبدٍ أبطأ عنه .
و المؤمن كلما اشتد كان قُربه أشد ....
قربني الله و إياكم إليه و أخذ بنواصينا إليه أخذ الكرام عليه و أعاننا على طاعته . اللقاء الثالث القسم الثاني من الآداب :أدب الطالب مع معلمه وأقرانه وفي مجلس علمه:سأبدأ هذا القسم بعبارة تعيننا على تطبيق الآداب بتفاصيلها وجزئياتها: (العلمُ رحمُ بين أهله ) أي كما أن هناك رحمٌ بين الأقارب والأسر فان هناك رحمٌ بين أهل العلم ، خاصة إن كانوا في مدرسة واحدة والأخص إن كانوا في فصل واحد . كلهم ركبُ واحد وفوج واحد وزمرة واحدة, تقطع الطريق مرحلة مرحلة حتى يصلوا إلى آخر محطة في مقعد صدق عند مليكٍ مقتدر . حقوق مجالس العلم: الأصل أن هذه المجالس تُهذب القلوب و الأخلاق و الجوارح بسمتها ووقارها و هيبتها لذلك ينبغي أولاً :أن تستشعري عظيم منة الله عليكِ أن أجلسكِ في هذه المجالس وساقك إليها ورزقك بها وحببها إلى قلبك, وغيرك محروم منها بل قد يكون أثقل ما يكون على قلبها حضور مجالس العلم , وانت الله أكرمك بها فهذا من عظيم فضل الله وتوفيقه ، فاشكري الله فإن النعم إذا شُكرت قرّت و درّت وزادت وما حفظ النعم بمثل الشكر . ثانياً : يجب أن تراعي نفسها حتى لا تحرمي الفضل الموجود فيها لأنه بمقدار النقص والخلل الذي سيحصل عندك في تحقيق آداب المجالس بقدر ما ينقص نفعك واستقادتك منها ونحن أصلنا لذلك سابقاً (من كمل أدبه في الطلب كمل تحصيله في العلم). ثالثاً: التبكير لها الاستعداد والتهيؤ لها لأن من إجلال العلم أن تنتظره أنت لا أن ينتظرك هو , وهذا كان ديدن السلف , كانوا يخرجون قبل أن يخرج العالم من بيته. ابن عباس رضي الله عنهما كان يجلس ويتوسد عتبة زيد بن ثابت , فإذا خرج قال له : ما هذا يا ابن عم رسول الله ؟؟ الامام مالك إذا خرج لشيخه شعبة كان يبقى على درج بيته ولا يطرق الباب ينتظره حتى يخرج. الإمام ابن الجوزي يقول: كنت أدور على المشايخ فينقطع نَفَسي من العدو لئلا أُسبق لحلقة العلم. أما الذي نراه الآن خلاف ذلك تماماً فتدخل المدرّسة وتنتظر الطالبة حتى تنتهي من حديثها وسلامها و أكلها وأحياناً الطالبة تحضر وأحياناً تغيب و أحياناً تأتي في منتصف الدوام و أحياناً تأتي متأخرة . هذه الصور تعتبر من عدم مراعاة آداب مجلس العلم , وكلما عوَدت نفسكِ على التبكير فهذا دليل محبتكِ وإذا أحببت العلم محبة كاملة نفعك الله به منفعة كاملة . 4) لزوم الأدب داخل مجالس العلم منها(حسن الجلسة, والاصغاء, واستجماع الذهن, والتفرغ من الشواغل والطوارق الحسيَة) ماهو حال السلف عند حضورهم لمجالس العلم ؟ 1- كانوا لا يحضرون المجالس ولا يقرأون إلا على طهارة . 2- كانوا حريصين على الجلسة الحسنة عملاً بحديث جبريل حين جاء الرسول صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان , جلس وأسند ركبتيه إلى ركبيته ووضع يديه على فخذيه, فهذه هي جلسة طالب العلم المتأدب المتواضع الذي يريد أن يتعلم. 3- كانوا لا يقطعون قراءتهم أو درسهم لأجل شاغل من شواغل الدنيا. 4- كان أحدهم يكظم التثاؤب قدر المستطاع حتى تكون عقولهم حاضرة وقلوبهم حاضرة قال الشافعي : [كنت أتصفح الورقة بين يدي مالك تصفحاً رقيقاً هيبة له لئلا يسمع وقعها] .الربيع بن سُليمان تلميذ الشافعي يقول : [و الله ما تجرأت أن أشرب الماء و الشافعي ينظر هيبة له ] كانوا يعرفون قدر مجالس العلم .. نحن الآن نرى العجب في مجالسنا سواء في طريقة الجلسة وكثرة الحركة و الانشغال بالجوال و الرسايل أو قد تجلس بفتور وخمول وكثرة تثاؤب حتى تكاد أن تصيبك أنت كمعلمة بالنوم !!! هذا فضلاً عن التعليقات الجانبية و التداخلات و المقاطعة . هذه الصور تشير أن هذه التي جلست لا تعرف كرامة هذا المجلس وقدرهُ . الإمام البخاري بوَب في صحيحه (باب اغتباط صاحب القرآن) وساق حديث النبيِ صلى الله عليه وسلم: ( لا حسد إلا في اثنتين, رجل علَمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار, فسمعه جار له فقال: يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل). فالناس تغبطك على هذه المجالس أنتِ على مائدة القرآن تتعرضين لكرم صاحب هذه المأدبة تتعرضين لضيافة الرب الكريم سبحانه و بحمده هذه الضيافة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم" ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة, وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده". أربع عطايا كل واحدة منها فضلٌ من الله كبير, نحن محتاجون للسكينة حتى يدرأ الله عنا المخاوف والاضطرابات والمفزعات والقلق الذي نعيشه في دنيانا اليوم, ومحتاجون أن يحفنا الله برحمته منذ أن نخرج من بيوتنا إلى أن نعود إليها, و أن تتغمدنا رحمة الله وتغطينا من فوقنا ومن تحتنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن أمامنا ومن خلفنا حتى يصرف الله عنا الشقوة والتعاسة والسوء والشر, ونحن بحاجة لإحاطة الملائكة وهي تحيط بمجالس العلم , وإحاطتها مددٌ و عون وتوفيق وتيسير وكثير من الخير والبركة . ونحن محتاجون للعطية الرابعة [ ذكرهم الله فيمن عنده] وإذا ذكرك الله أكرمك وكرامة الله ليست ككرامة أحد من المخلوقين .
__________________ الله عز وجلّ فتح لنا بهذه المجالس الأبواب و هيأ لنا الفرصة حتى نتعرض لنفحاته, وكل واحدة ستأخذ نصيبها بحسب إقبالها على هذه الضيافة وحسب أدبها وهي ملتفة حول هذه المائدة وعلى حسب ما قام في قلبها حين خرجت من بيتها و النية مؤثرة على العمل .
فكلما عظمت هذه المجالس كلما رزقك الله نفعها و كرامتها .
تأملي ما جاء في سنن الترمذي, روى أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أخي يطلب العلم وأنا أنفق عليه فقال:" لعلك ترزق به ".
هذه بشرى لكل من صرف على طالب العلم علم أو تكفّل به ؛ فأن بركة طالب العلم تتعدى إلى غيره وقد يكون سبباً في أن يُرزق غيره به, وليست بركة لأهله فقط بل تتعدى إلى الجيران بل إلى الحي كله.
أثر أورده ابن رجب في تعليقه على حديث ( احفظ الله يحفظك) :
قال: [إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده وقريته التي هو فيها والدويلات التي حوله فما يزالون في حفظ الله وستره] نور الإقتباس لابن رجب.
كان جيرانُ الشيخ ابن باز رحمه الله يقولون: كنا نشعر بالراحة والأنس لمّا كان الشيخ جارٌ لنا , وهذه من البركات , والمؤمن الموحد مبارك ولكن تختلف البركة من شخص لآخر على حسب أتباعه للشريعة والسنة.
الشاهد: إن هذه كرامة من الكرامات التي تعطي لطلبة العلم الحريصين على جلوس مثل هذه المجالس ولكن إذا عرفوا قدرها.
مع العلم أن من يحضرون هذه المجالس حتى لو كان عندهم شيء من النقص لن يخرجوا منها صفر اليدين لأنهم(هم القوم لا يشقى بهم جليسهم), ولكن هناك فرق بين من ينجح بامتياز وبين من ينجح بمقبول , وهذا النجاح ليس في الدنيا فقط بل حتى في الآخرة{ هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ } سورة آل عمران (163) .
مراعاة حق المعلم:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث " وليس منا من لم يعرف لعالمنا حقه". معنى هذا أن حق المعلم كبير يقول ابن جماعة الكناني : [ليعلم طالب العلم أن ذله لشيخه عِز، و أن خضوعه له فخر و تواضعه له رفعة ، و على طالب العلم أن ينظر لشيخه بعين الإجلال ، فإن ذلك أقرب إلى نفعه به وكان بعض السلف إذا ذهب إلى شيخه تصدق بشيء و قال : اللهم استر عيب شيخي عني ، ولا تُذهب بركة علمهُ مني ] تذكرة السامع و المتكلم صـ 87
موسى عليه السلام عندما أراد أن يتعلم من الخضر سلك معه مسلك الأدب الراقي قال:{ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} سورة الكهف(66) ، من هو موسى؟ هو كليم الله, يوحى إليه, أفضل أنبياء بني إسرائيل, من أولي العزم هو من قال الله له :{ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي }سورة طه(39) , ومع ذلك لما أراد أن يتعلم من الخضر لم يأت بصيغة النديّة و الاستعلاء و التكبر بل بمنتهى اللطف والأدب و بصيغة الالتماس .
يقول العلماء : [ الأدب من أوسع الأبواب التي يلج منها طالب العلم إلى قلب معلمه ] .
ابن حجر - وهو من حفاظ الدنيا صاحب فتح الباري في شرح صحيح البخاري- إذا وقف أمام شيخه العراقي يقول له: ماذا يقول سيدي في مسألة كذا وكذا تأدباً معه .
ابن عباس رضي الله عنهما كان يأخذ بخطام بغلة زيد و يقول هكذا يفعل بالعلماء و الكبراء .
وليس كالشافعي في الأدب مع شيوخه ، يُقال : إن الشافعي عُوتب على تواضعه للعلماء فقال : أُهين لهم نفسي فهم يُكرمونها .... و لن تُكرمَ النفس التي لا تهينها
يقول خلف :[ جائني أحمد بن حنبل يسمع حديث أبي عوانه ، فاجتهدتُ أن أرفعه فأبى و قال : لا أجلس إلا بين يديك ، أمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه ] مناقب الإمام أحمد.
دعينا نتلمس مواطن الأدب في كتاب الله: انظري أدب موسى الطاغية فرعون{ فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَىٰ أَنْ تَزَكَّىٰ (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ (19)} سورة النازعات . هذه ملاينة وملاطفة من موسى عليه السلام لأنه لم ينس أن فرعون ملِكٌ في قومه , ولم ينس أنه في يوم من الأيام تربى في بيته وفي قصره وكان فرداً من أفراد رعيته, فتأدب معه ولاينه ولاطفه ولم يستفزه ولم يستثير غضبه وإنما قال : هل لك, هل عندك رغبة في أن تزكى وتتطهر وترتقي وتسمو.
تأملي أدب أيوب عليه السلام في مقام التوسل قال: { وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)} سورة الأنبياء , قال رب أني مسني والمسُ أدنى الإصابة أخفها و أقلّها, هذا فيه معنى التضرع لا الشكاية و التسخط والجزع, معنى كلام أيوب عليه السلام : أني مسني الضرُ وأنت موصوف بالرحمة المطلقة أنت رحمن الدنيا والآخرة , وهذا تعريض بالحاجة فلم يطلبها صريحة , لم يقل ارحمني بل قال: { وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }.
وأحياناً التعريض بالحاجة يكون أقوى في استنزال المرحمة من الله عز وجل , لذا جاءت الإجابة فورية { فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ(84)} سورة الأنبياء.
وإذا تتبعنا مواطن الأدب في كتاب الله أدب إبراهيم عليه السلام, ويوسف عليه السلام ومحمد عليه الصلاة والسلام ويونس عليه السلام لوجدنا الكثير و الكثير من الأدب.
لماذا أخبرنا الله عن أدبهم ؟ لنقتدي بهم قال تعالى : { فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ (90) } سورة الأنعام , ولنعرف أن الأدب مقام من المقامات العالية والرفيعة بل هو منزلة من منازل الإيمان, و نعرف أن لله عباداً يصطفيهم اصطفاءً ويجتبيهم اجتباءً ويرزقهم الأدب معه , ومن رزق الأدب حصل على خير كثير في الدنيا والآخرة.
| |
|
سابحة لربها Admin
عدد المساهمات : 1084 تاريخ التسجيل : 14/06/2012 العمر : 64
| موضوع: رد: دورة أخــلاق حملة القرآن (كتابيه ) الثلاثاء أبريل 30, 2013 2:38 pm | |
| ومن صور أدب الطالب مع معلمه :
1- أن لا ينادى المعلم باسمه : أحد طلبة سفيان بن عيينة ناداه يا سفيان, قال له: [إذا جهلت قدر الرجال فأنت بنفسك أجهل].
2- لا ينادي عليه بصوت عالٍ.
3- أن لا ترتفع الأصوات في حضرته و في مجلسه وأن لا يقاطع في درسه و أنت الآن ترين ما يحصل بين يدي المعلمة من الجدال و المناقشة و الاعتراضات بل و الخصومة أحياناً .
4-من حق المعلم الدعاء له
قال أبو حنيفة : والله إني لأدعو لحمَاد(شيخه) مع أبويّ.
الإمام أحمد يقول: كنت أدعو للشافعي منذ ثلاثين سنة حتى أنه لما التقى بابن الشافعي قال له: [أبوك من الستة الذين أدعو لهم في سجودي].
ومنهم من يقول :[ والله إني لأدعو لشيخي قبل نفسي].
هذا الحق يحتاج أن تتوفر في الطالب خصلة الوفاء , وفاؤه يحمله أن لا ينسى الدعاء لمعلميه .
كعب بن مالك لما كبر وعميَ كان ابنه يقوده لصلاة الجمعة فيقول : كلما خرجنا للجمعة كان يدعو لأسعد بن زرارة , فسألته لماذا تدعو له كل جمعة؟ قال : هو أول من جمَع بنا قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا من الوفاء .
معنى الوفاء: أن يعرف أن هذا المعلم جعله الله له مفتاحاً للخير مغلاقاً سخّره الله له فدلّه على طريق العلم الشرعي و الهداية و الفلاح فبماذا ستكافئه ؟ وقد أسدى إليك معروفاً و جميلاً يفوق مكافئتك ؟؟
5-أن لا تتنكر و لا تتغير عليه إذا قسا عليك أحياناً قد تحصل جفوة أو غلظة من المعلم فهو بشر قد يزل ، و يخطئ ، فمن حقه على طلابه أن يتلمسوا له العذر و يحملوا كلامه و تصرفاته على أفضل المحامل و المعاذير قال صلى الله عليه وسلم :" المؤمن غرٌ كريم و الفاجر خب لئيم "
الغر: هو الذي لا يفطن للخديعة ، لا يدقق ، لا يقف عند كل هفوة و كل زله و كل خطأ يمرر و يعذر ، بمعنى أنه إنسان سمح قليل الشرّ ، سليم الصدر ، تأصل عنده خُلق المدارة .
و المدارة هي العقل كله كما يقول الحسن البصري ، ولا يمكن أن نتعايش فيما بيننا سواء في بيوتنا أو في مدارسنا بدون خُلق المدارة لذلك قال صلى الله عليه وسلم :" مدارة الناس صدقة "
فإن لم نفعّل هذه المدارة و هذا التغافل و التمرير و الإعذار ستحصل القطيعة و الشحناء و التدابر ، و سيقع الهمز و اللمز و القيل و القال و الغيبة و النميمة و كل هذا من كشف العورات و نشر الزلات و هذا خلاف ما أمرنا به رسولنا عليه الصلاة والسلام " المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده " " من ضار مسلماً ضارّه الله ، ومن شق على مسلم شق الله عليه "
" طوبى لمن أمسك الفضل من لسانه "
وقد كررنا كثيراً أن عنوان سعادة المرء في الدنيا أن يعيش معافى معافىً منه يعيش و قد سلِم منه المخلوقين ، لا يهمز و لا يلمز و لا يذيع ، و لا ينشر ، و لا يغتاب و لا يفضح و لا يظلم .
6-أن لا تثقل عليه ولا تؤذيه و لا تُضجره ، بكثرة الإلحاح ، و كثرة الأسئلة أو الاتصالات ، أو تقحم نفسك في حياته و تتدخل في شؤونه الخاصة .
7-نشر علمه – و هذه إحدى صور البر بالمعلم – أن تنشر و تعلّم العلم الذي علَّمك إياه ليستمر و يمتد أجره ولا ينقطع عنه .
انظر لكتاب ( معالم في طريق الطلب ) للدكتور عبد العزيز السدحان – حفظه الله –ومتع به ، و كتاب ( شرح حلية طالب العلم ) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .بعض حقوق القران: الأقران طالبات المدرسة الواحدة و الفصل الواحد هم أحق من تقوم بينهم الأخوة الايمانية و أحق من يكون ألفة ٌو مودة و محبة ، و مجالسة في الله . يقول الله تعالى في حديثه القدسي: ( وجبت محبتي للمتحابين فيّ والمتزاورين فيّ و المتجالسين فيّ) هؤلاء من الصباح وهم متجالسين في الله ملتفين حول كتاب الله فإن كانت المحبة صادقة لله سينفعك الله بها في يوم أنت أحوج ما تكون فيه لثمرة هذه المجالس في يوم القيامة ، يوم يقف العبد ليس معه شيْ لا عشيرة و لا أهل و لا مال فتأتي المحبة ويجعلها الله سببا لأن يظلك الله في ظله، يقول الله تعالى : " أين المتحابون في جلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي". هذه صورة من صور المنفعة بهذه الأخوة و هذه المحبة ، وهنالك صورة أخرى إذا كُتب على العبد أنه من أهل النار فينفعه الله بإخوانه الذين كان يجلس معهم في هذه المجالس، فيقولون: [ يارب كيف ننعم وإخواننا في الناريُعذبون يارب إنهم كانوا يصلون معنا وكانوا يصومون معنا و يعملون معنا ] و لا يزالون في هذه المناشدة حتى يأذن الله الحليم الكريم بأن يشفعوا لإخوانهم ، و هذا قسم من أقسام الشفاعة و هي: شفاعة المؤمنين بعضهم لبعض، حتى قيل أن الإنسان لأخيه الذي جلس معه و لو طرفة عين إن كان جلوسه لله عز و جل وليس لأمر من أمور الدنيا، فيقول: يا رب هبه لي ، حتى يهبه الله له و يرضى له بالشفاعة فيشفع لأخيه، فلما يرى الكفار هذا المنظر- منظر شفاعة المؤمنين لبعضهم- يتألمون و يتحسرون { فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101)} سورة الشعراء. ولما عرف الصحابة هذه الأجور العظيمة للأخوة الإيمانية و أنها سبب من أسباب النجاة يوم القيامة تمسكوا بها و أدّوا حقوقها على أكمل ما يكون. لما آخى النبي صلى الله عليه و سلم بين المهاجرين و الأنصار في المدينة، قال الأنصار:[ يا رسول الله اقسم بيننا و بين إخواننا النخل ]- أي المزارع و الأراضي و النخيل - فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : [ لا ] - رفض النبي- لأن أهل مكة من المهاجرين لم يكونوا أهل زراعة ولا أهل فلاحة ولو أخذوا نصف بساتين المدينة و نخلها و تمرها قد تتلف ، فقال المهاجرون: [ تكفوننا و نقتسم معكم التمر].لما جاء وقت الحصاد بدأ الأنصار يوزنون التمر ، فكانوا يضعون لأنفسهم مع التمر السعف و الجريد حتى يزنوا مكانه تمراً للمهاجرين أي أنهم يبخسون حق أنفسهم حتى يأخذ إخوانهم المهاجرين أكثر منهم . لما جاءت أموال خيبر أراد النبي صلى الله عليه و سلم أن يكافئ الأنصار على حُسن صنيعهم و معروفهم مع المهاجرين فرفض الأنصار، قالوا : " يا رسول الله أنت وعدتنا بوعد أنت وعدتنا الجنة " فقال: " فذلك لكم " من وفّي وفّى الله له.{ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ (111)} سورة التوبة { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ (111)} سورة التوبة. قارني هذه القصة و بين الوضع القائم في مدارسنا وسترين الفرق بين القصتين: قد نجد في الفصل الواحد صدور تغلي و تنافر و شحناء و قطيعة و بغض و أثّرة و حب انتقام هذا ونحن ملتفون على مائدة القرآن نقرأ و قلوبنا تحترق و تحترق من سفاسف وتفاهات و سخافات و كلمات عوراء لو طأطأنا لها رؤسنا لمرت و انتهت. أغلب هذه القطيعة و النفرة والشحناء والنفسيات الممتلئة بيننا بسبب الكلام و نقله ، وقد تكون كلمة بسيطة صغيرة حقيرة تافهة لا تعني شيئا ولكن الشيطان يكبرها و ينفخها و يضخمها حتى تصبح ساحقة ماحقة عاصفة جارفة فنصبح متدابرين و متقاطعين، ويبدأ بالتحريش و ويبدأ بإفساد ذات البين، وهذه هي الحالقة التي قال عنها النبي صلى الله عليه و سلم :" لا أقول تحلق الشعر ولكنها تحلق الدين"، وهذا هو المكر الكبَّار الذي ارتضاه الشيطان في قضية التحريش بيننا وهناك عمل آخر لشياطين الإنس . وقد تبتلي بمن تؤجج الموضوع وتكبره بدلاً أن تواسي فإذا هي تُشعل الأمر و تزيده تعقيداً والنبي صلى الله عليه و سلم أخبر أنه مجرد كفّ الأذى صدقة " من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" . وقال عليه الصلاة و السلام : " ورجل لا يغتاب مسلما ولا يجرُ إليه سخطاً ولا نقمة فإن مات كان ضامنا على الله " ، أي ضامن على الله أن يدخله الجنة، فقط إذا التزم الصمت و كف أذاه عن أخيه
__________________
| |
|
سابحة لربها Admin
عدد المساهمات : 1084 تاريخ التسجيل : 14/06/2012 العمر : 64
| موضوع: رد: دورة أخــلاق حملة القرآن (كتابيه ) الثلاثاء أبريل 30, 2013 2:41 pm | |
| والسبب الثاني :مما يُوغر الصدر الغيرة (الحسد):
الحسد آفة قلبية ومن كبائر القلوب وأنه بالذات من الأمراض القلبية التي تحصد الحسنات حصدا، وتنزع الإيمان ويحرق كل ما عندك، بسبب هذا المزلق، و أول و أسرع عقوبة تعجل للحاسد: الغم الذي لا ينقطع، تكاد تموت في اليوم 100 مرة، و تنهار و تبكي ولا تستطيع عمل أي شيء لأنها تعبانة من الجمرة المشتعلة داخلها لأن الحسد له جمرة و الجمر نوع من أنواع حب أشجار البادية: جمرة الغضا، وجمرة السمر وهذه نارها حارة قوية لا تنطفئ بسهولة. لا تنتهي إلا بأمراض عظيمة. والنبي صلى الله عليه و سلم قال: (لا تحاسدوا ، ولا تباغضوا، ولا تدابروا).
سؤال: مثل طالب العلم هذا و قلبه يغلي، هل يرزق العلم و يستقر في قلبه وينتفع بالعلم وينفع الله به و يبارك له في أثره؟لا يمكن ، لأن العلة في قلب الطالب المرزوق، إذا رأيت طالب ررزق انظر الى قلبه، ولا يرزق إلا صاحب القلب السليم حتى يستقر العلم وينفع بهذا العلم الذي يعلمه.
والعلم لا يستقر إلا في مكان نظيف فكيف يستقر و في القلب جمرة نار.
وليس فقط نظيف بل ينقيه و يطيبه و يطهره مثل المرآة بحاجة الى تنظيف وإن تركتها دون تنظيف تجد عليها شيء و تصبح بحاجة الى تنظيف. هذا لمن أراد أن ينفعه الله بعلمه.
ما المطلوب إذا شعرت أن أحداهن غيرتها غير سليمة لأن الله فضلني عليها بخلق أو خُلق أو علم أو أي شيء خارج عن نطاق العلم ، وإذا كنت أتت المحسودة إياك أن تزيدي غيرة أختك عليك أو توغري صدرها وتستثيري غيرتها، قال النبي صلى الله عليه و سلم: ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما) فمن معزتك لأختك لا تعينيها على ظلمها ولا تكوني عونا للشيطان على أختك ..
وأيضا حاولي قدر المستطاع أن تخففي من غيرتها ولا تظهري كل شيء لأن هذا من العمل بالشرع في قوله تعالى: ( إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم) ثم الدعاء لها أن يشفيها لأنها مريضة بمرض من أمراض القلوب و كبيرة من كبائر القلوب و أن ينظفها و يطهرها و ينزع مافي قلبها.
أما إذا كنت أنت الحاسدة وهذه محتاجة الى الصدق و أحسست بشيء من هذا الدبيب أو تغير في القلب إذا مدحت واحدة أو أثني عليها أو تكرم، فيجي مباشرة أن أعالج هذا الشئ من ناحية التوحيد:
1.أن أقنع نفسي أن الله قسَم الأرزاق بين عباده والأرزاق مكتوبة ( قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا)، والله أعلم بعباده ، يعطي هذا و يمنع هذا ، يرفع هذا و يخفض هذا ، يعطي إحداهن حفظ و ذكاء و منهم الثانية يحجب عنها، ولا يوجد فعل من أفعال الله سبحانه و تعالى إلا وهو مرتبط بعلمه و بمشيئته و بحكمته ( ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير ).
و أنا ما لي إلا الرضى والله لم يظلمنى لأنه حكم عدل و قسَم الأرزاق، وهي تحفظ وأنا لا أحفظ، أحمد الله مادام أني أجاهد و يكفيني فخرا أني أمسك كتابه و أحفظ وأكرر و الله ينظر إلي ،وأن أقف بين يديه وأقول يارب تعبت لكي أحفظ.
2.الدعاء: انطرحي و استعيني بالله ) إذا سألت فاسأل الله و إذا استعنت فاستعن بالله) واسألي الله بإلحاح و تضرع أن يشفي الله قلبي و ينزع هذا المرض لأنك مبتلية ، والدعاء يفتح ما كان مستغلقا ويصلح ما فسد من أمر العبد.
3.كل ما شعرت بدبيب من القلب مباشرة الدعاء و التبريك لها و هذا يحتاج الى مجاهدة أن أدعوا لها وأنا قلبي يغلي ( اللهم بارك لها في رزقتها و زدها من فضلك، اللهم لا تفتني و لا تفتنها، كما أعطيتها أعطني و كما وهبتها هب لي ).
4.طالما أنك تدعين فإن هذا سيخف الجمرة المشتعلة في القلب لأنه نوع من أنواع المجاهدة، ويبين النبي صلى الله عليه و سلم أن أفضل الجهاد أن يجاهد المرء نفسه، والله وعد هذا المجاهد بأنه سوف يُهدى.
•أكثر الناس معرضين للحسد ثلاث فئات:1)أصحاب الجنسية الواحدة من بلد واحد، يدب بينهم الحسد أكثر.
2) فئة المتفوقات.
3) صاحبات الشخصية القوية.
يجب الحذر من هذا المزلق الكبير مزلق الحسد لئلا تخرجي خاسرة لدنياك و آخرتك و تخسري أعصابك و صحتك ويوم القيامة تأتي لا شيء معك كله حصيد.
في قضية الآقران يقول العلماء: (الصحبة لقاح فمن طاب لقاحه طابت ثمرته)
معنى ذلك: أن تنتبهي للصحبة التي اخترتيهم ليكونوا مقربين لك و تستشيريهم و هذه نصيحة لك: لا تصاحبي من كانوا خاليين من البركة، ولا تجعليهم خاصتك، وهذه الخالية تجلس معك تتكلم بأشياء فارغة و هذا محورها أين ما كانت، وهذا هو المقت و محق للبركة.
من كانت تريد أن تكون طالبة علم عليك أن تخرجي نفسك من دائرة النساء، وادخلي في العلم و أهله و أدبه لآنهم عالم آخر تماما.
ومن أرادت أن تسير في سلك الآنبياء تخرج نفسها من قضية النساء، و لا تصصلحبي الخاليين من البركة لآنهم سيؤثرون عليك و يؤخروا سيرك ، والصاحب صاحب، والطباع سراقة، والناس كأمثال القطا يقلد بعضهم بعضا.
احذري أن تجعلي خاصتك من الناس الذين عندهم ركاكة وضعف في إيمانهم ، لآن القلب اذا لم يمتلئ بحب الله يصبح فارغ، و هذه النوعية تتعبك لآن قلبها غير سليم و خاصة الشابات المراهقات، والتعلق والحركات التي فيها شك و ريبة.
وبزعمهم أنه حب في الله وهم لم يعرفوا للحب في الله طريقا لآن من شرفت نفسه عنده ترفع عن هذه الدنايا و الفاسق.
ونحن ملتفون حول مائدة القرآن يجب أن نحترم عقولنا و ذواتنا و علمنا و لا نأتي بشيء يقدح من مروءة الآنسان، حتى نأتي يوم القيامة ( اقرأ و ارتق و رتل كما كنت ترتل في الدنيا).
هذه كلها إرشادات و تحتها عبارات و الموفق من وفقه الله سبحانه و تعالى.
__________________تم بحمداللــــه تعالى اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه اللهم آمين جزا الله عنا خيرا الكاتبة والناقلة
| |
|