سابحة لربها Admin
عدد المساهمات : 1084 تاريخ التسجيل : 14/06/2012 العمر : 64
| موضوع: تفسير غلبة الروم الإثنين يونيو 25, 2012 8:58 pm | |
|
غُلبت الروم في أدني الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون سورة الروم 30 : 1 . وجه الإعجاز قالوا في وجه الإعجاز : {جاءت آيات الروم متضمنة للبشارات والبراهين المعجزة التالية : أ-أن الروم سينتصرون علي الفرس في مدة أقل من تسع سنين وهو ما حدث كما تنبأ به القرآن . ب أن المعركة بين الروم والفرس ستقع لا محالة ، وهذا في حد ذاته إعجاز غيبي لأنه ماذا كان يمكن أن يحدث لو لم تحدث المعركة أكان بعد ذلك يصدق أي إنسان القرآن أو يؤمن بالدين الجديد ؟ ج- تنبأ القرآن بأن المسلمين سوف يفرحون بنصر عزيز في نفس الوقت الذي ينتصر فيه الروم علي الفرس ، وهذا بالرغم من قلة عدد المسلمين في مكة ، وكان يوم انتصار المسلمين المبشر هو يوم بدر} مجله الوعي الإسلامي العدد ص 491 . جاء في التفسير {عن ابن عباس ، قال : كان المسلمون يحبون أن تغلب الروم أهل الكتاب ، وكان المشركون يحبون أن يغلب أهل فارس ، لأنهم أهل الأوثان ، قال : فذكروا ذلك لأبي بكر ، فذكره أبو بكر للنبي صلعم فقال :{أما إنهم سيُهزمون} ، قال : فذكر ذلك أبو بكر للمشركين ، قال : فقالوا : أفنجعل بيننا وبينكم أجلا" ، فإن غلبوا كان لك كذا وكذا ، وإن غلبنا كان لنا كذا وكذا ، قال : أفنجعل بينهم وبينه أجلا" ، خمس سنين ، قال : فمضت فلم يغلبوا ؛ قال : فذكر ذلك أبو بكر للنبي صلعم ، فقال له :{أفلا جعلته دون العشر} ، قال سعيد : والبضع ما دون العشر ، قال : فغلب الروم ، ثم غلبت ؛ قال : فذلك قوله : الم غلبت الروم في أدني الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين وفي موضع آخر قال محمد لأبي بكر : ناحب أبو بكر قريشا" ، ثم أتي النبي صلعم ، فقال له :إني قد ناحبتهم ، فقال له للنبي صلعم :{هلا احتطت فإن البضع ما بين الثلاثة إلي التسع} تفسير الطبري لسورة الروم 30الآية.2
ثلاثة اختلافات جوهرية في الآية 1-اختلافهم في القراءة {وقوله :{غُلبت الروم} اختلفت القراء في قراءته : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثني أبي ، عن الحسن الجفري ، عن سليط ، قال : سمعت ابن عمر يقرأ الم غلبت الروم فقيل له : يا أبا عبد الرحمن ، علي أي شيء غلبوا؟ قال : علي ريف الشام} تفسير الطبري لسورة الروم 30آية 2 . القراءة المبينة للمعلوم ستجعل الآية مجرد إخبار عن حدث وقع بعد أن انتصرت الروم لا قبل الانتصار وتعدهم بانتصار آخر ، وهذا ابن عمر قرأها علي المعلوم ، ومادامت الآية في قراءتها ، سنطرح السؤال البديهي : لو كانت الآية إعجازا" غيبيا" عرفه الصحابة وأقروا به جميعا" لماذا إذن اختلفوا في القراءة ؟ أما كان ينبغي أن يكون هناك إجماع علي أنها (غُلبت) وليس(غَلبت)؟ ومادام القرآن قد كتب دون تشكيل ولا تنقيط فهذا الاحتمال وارد أيضا" وينسف قضية الإعجاز المزعوم فيها من أساسها لأن المعجزة ينبغي أن تكون واضحة جلية سالمة من المعارضة علي حد تعبير السيوطي ! هل إعجاز تنبؤي مثل هذا عرفه كل المسلمين يمكن أن يحدث خلاف بشأنه ويقع شذوذ عنه خصوصا" من شخص بمقام عبد الله بن عمر؟ 2-اختلافهم في معني كلمة بضع يقول الرازي:{في بضع سنين قيل هي ما بين الثلاثة والعشرة ، أبهم(ترك الوقت غامض) الوقت مع أن المعجزة في تعيين الوقت أتم } تفسير الرازي لسورة الروم 30الآية 4 . {وروي الشعبي أن النبي صلعم قال لأصحابه :{كم البضع} قالوا الله ورسوله أعلم قال :{ما دون العشرة} تفسير الرازي لسورة يوسف 12 الآية 42 . {وفي الحديث أن رسول الله صلعم قال لأبي بكر الصديق رضي الله عنه :{وكم البضع} فقال : ما بين الثلاث إلي السبع} تفسير القرطبي لسورة يوسف 12 الآية 42 . {عن ابن عباس رضي الله عنهما {فلبث في السجن بضع سنين :{قال اثنتا عشرة سنة وقال الضحاك أربع عشرة سنة} تفسير ابن كثير لسورة يوسف 12 الآية 42 . إن هذه الكلمات جوهرية في الآية وبالتالي إن كان المسلمون لا يعلمون بالضبط كم هي بضع هل هي ما بين الثلاثة والعشرة أو ما بين الثلاثة والسبعة أو يمكن أن تصل حتي أربعة عشر ، فإني أتساءل كيف يجرأون علي القول بأن هناك إعجاز في الآية ، خصوصا" أن العامل الزمني هنا يلعب دورا" محوريا" ؟ ومن سيؤكد لنا خارج الروايات الإسلامية أن كلمة بضع تعني المعني الذي قالوه ؟ هل هناك نصوص شعرية أو نثرية معاصرة لمحمد تؤكد أقوالهم ؟ لو كانت كلمة بضع واضحة المعني لما كان أبو بكر قد وقع في الخطأ وراهن وخسر الرهان، ألم يكن يعرف معني بضع وهو ابن اللغة العربية ؟ إن النبوة فضفاضة وغير محددة وتوحي بأن قائلها غير متأكد مما يقول ، حتي أن الرازي نفسه أقر بأن القرآن لو حدد المدة لكانت المعجزة أبلغ وأتم ! السؤال هو لماذا استعمل القرآن كلمة غامضة للتنبؤ عن حدث مثل هذا والغرض هو إثبات معرفته بالمستقبل ؟ إن الكلمة التي لها أكثر من معني لا يمكن بتاتا" اعتمادها حجة في الإعجاز الغيبي، لأن من شروط الإعجاز الدقة والتحديد ! 3-اختلافهم في التاريخ اختلافهم في تاريخ{نزول} الآية وتاريخ حدوث المعركة حيث اختلفوا في متي غلبت الروم فارس هل هو عام الحديبية أم تزامنا" مع معركة بدر . جاء في التفسير :{وكانت نصرة الروم علي فارس يوم وقعة بدر في قول طائفة كثيرة من العلماء ، كابن عباس والثوري والسدي وغيرهم . وقد ورد في الحديث الذي رواه الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والبزار من حديث الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال : لما كان يوم بدر ، ظهرت الروم علي فارس ، فأعجب ذلك المؤمنين ففرحوا به ، وأنزل الله في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم.....وقال الآخرون : بل كان نصر الروم علي فارس عام الحديبية . قال عكرمة وقتادة وغير واحد} تفسير ابن كثير لسورة الروم 30الآيات من 1 – 7 . قال المستشرق الألماني نولدكه عن هذه الآيات :{لابد أن الآيات الأولي من سورة الروم 30نُزلت بعد هزيمة البيزنطيين (الروم) أمام الفرس في إحدى الدول المجاورة لشبه جزيرة العرب ، لكن يصعب تحديد أي من الهزائم الكثيرة التي مني بها البيزنطيون – حتي بعد الهجرة – هي المعنية هنا ، لاسيما وأنه لا توجد أخبار بيزنطية موثق بها تؤكد روايات الكتاب المسلمين القدامى ، وهي مشوشة وغير دقيقة حول هذه الأحداث} تاريخ القرآن ، الترجمة العربية طبعة 2004 ص 134 . إن اختلاف المسلمين في تاريخ هذه المعركة ونقصان الأدلة التاريخية الأخرى غير الروايات الإسلامية تجعل تأكيد نسبة الإعجاز لهذه الآية من المستحيلات ، لأن الإعجاز كله زمني هنا فإن جهلوا الزمن واختلفوا فيه بطل الإعجاز . ثم فليلاحظ القاري أن ابن كثير أعطانا معلومة أخري مفيدة جدا" ، وهي أن الآية الأولي والثانية قيلتا حين انهزمت الروم ألم غُلبت الروم في أدني الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون ، أما الآية التي تليها فقد قيلت حين انتصرت الروم بعدة أعوام من ذلك حيث قال :{لما كان يوم بدر ، ظهرت الروم علي فارس ، فأعجب ذلك المؤمنين ففرحوا به ، وأنزل الله :في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وهذا التصريح الخطير هو أكبر دليل علي أن قول دعاة الإعجاز إنما هو ضرب من التخمين لا يستند علي أسس علمية ولا تاريخية ، وبالتالي فإن ادعاء إعجاز تنبؤي غيبي في هذه الآية باطل من أساسه. قال الأستاذ الحداد عن هذه الآية :{أنها تسجيل حدث مشهود عام 624 م فرح به المسلمون لنصر الإيمان ، كما فرحوا بنصر بدر علي مشركي العرب والتاريخ خير شاهد : فقد بدأت حمله الفرس الظافرة عام 612 م. فاحتلوا سورية سنة 622 م. ، وفلسطين 614 م. ومصر 618 م. وظهر هرقل فسار بحملة الثأر الظافرة سنة 622 م. ، وسنة 624 م. كان طرد الفرس من سوريا ، يوم نصر بدر . وظل هرقل زاحفا" حتي احتل عاصمة فارس ، واسترجع منها ذخيرة الصليب . فما يسمونه نبوءة في آية الروم ليس سوي واقع تاريخي مشهود} معجزة القرآن للأب يوسف الحداد ص 181. إن آيات سورة الروم 30التي لا يكاد يخلو منها أي كتاب يتحدث عن الإعجاز القرآني هي واحدة من آيات كثيرة مليئة بالاختلافات بين المفسرين ، وفيها من الغموض والتناقض وعدم الدقة ما يكفي ويزيد ، ومع ذلك يصر دعاة الإعجاز علي ترديدها متخذين إياها حجة ليس بعدها حجة علي صدق كتابهم وألوهية مصدره ، ولكنها في الحقيقة بعيدة عن الإعجاز كل البعد .
| |
|